perjantai 28. marraskuuta 2014

التصور الاسلامى للعقل


    التصور الاسلامى للعقل
    أولا:التعدد الدلالي لمفهوم العقل: يجب التمييز بين الدلالات المتعددة لمفهوم العقل:
    الدلالة الأولى:
    بمعنى هذه الفاعلية المعرفية ذاتها،اى العقل في ذاته في كل زمان ومكان.
    الدلالة الثانية:
    أنماط هذه الفاعلية،والتي تختلف طبقا لمستويات الوجود التي يحاول تفسيرها (وجوديا) ،أو طبقا للجهة المنظور منها إلى ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين أو طبقا لمضمون هذه المشاكل(منهجيا).
    الدلالة الثالثة:
    محصله هذه الفاعلية بأنماطها المختلفة في محاولتها حل مشاكل طرحها واقع معين زمانا ومكانا، اى التراث الفكري لجماعه معينه(قبيلة،شعب، أمه) في زمان معين.
    ويمكن تقسيمها إلى مستويين:
    المستوى الأول:
    الهيكل العقلي(المعرفي) الأساسي، الحضاري ويتضمن مجموعة القواعد التي تحدد لكل فرد ما ينبغي أن يكون عليه موقفه واتجاهه وسلوكه في مواجهة الغير من الأشياء والظواهر والناس، يكتسبها من انتمائه إلى مجتمع معين.
    فهذا المستوى يشير إلي مكونات الوحدة العقلية(المعرفية) المتجانسة بين كل الأفراد الذين ينتمون إلى مصدر حضاري واحد،
    المستوى الثاني:
    البناء العقلي( المعرفي) المكتسب على هيكلها الأساسي، فهذا المستوى يشير إلي التفرد العقلي(المعرفي) بما هو بناء مكتسب على هيكلها الأساسي من مصادر بيولوجية وفسيولوجية وفكرية واقتصادية وروحية ...الخ.
    ثانيا: التعريف الاسلامى للعقل: وقد تعددت تعريفات العقل طبقا لتعدد الفلسفات ومناهج المعرفة المستخدمة في التعريف. والتعريف الإسلامي يستند إلى الأسس التالية:
    أولا:ينظر إلي العقل باعتباره نشاط أو فاعليه معرفيه ، لذا لم يرد في القران لفظ عقل بصيغه الاسم. بل ورد بصيغه الفعل ( نعقل، تعقلون، يعقلون...) ﴿ً وكذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ﴾.
    ثانيا: والعقل كفاعليه معرفيه محدود:
    ا/فهو محدود بالوحي في إدراكه لعالم الغيب المطلق عن قيود الزمان والمكان، يقول الشاطبى (فهذا أصل اقتضى للعاقل أن لا يجعل العقل حاكما بإطلاق، وقد ثبت عليه حاكم بإطلاق وهو الشرع) ويقول البوشنجى عن تعريف الإيمان(... وان يجعل الأصول التي نزل بها القران واتت بها السنن من الرسول غايات للعقول ولا يجعلوا العقول غايات للأصول).
    ب/كما أنه محدود بالحواس في إدراكه لعالم الشهادة المحدود زمانا و مكانا﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والافئده لعلكم تشكرون﴾.
    ثالثا:أن وظيفة العقل من الناحية الوجودية محاوله تفسير الوجود، ومن الناحية المنهجية حل المشاكل التي يواجهها الإنسان.
    رابعا:
    التعريف الإسلامي للعقل إذا يرفض النظر له باعتباره ذو وجود مطلق ، اى قائم بذاته ومستقل عن الحواس في إدراكه لعالم الشهادة، والوحي في إدراكه لعالم الغيب كما في التيار العقلاني(المثالي) في الفلسفة ،يقول علاء الدين الطوسي في كتابه الذخيرة أو تهافت الفلاسفة(... فقوته الادراكيه أيضا وان كانت أتم قواه وأقواها ليس من شانها أن تدرك حقائق جميع الأشياء وأحوالها حتى الأمور الالهيه إدراكا قطعيا لا يبقى معه ارتياب أصلا، كيف والفلاسفة الذين يدعون أنهم علموا غوامض الإلهيات باستقلال العقل ويزعمون أن معتقداتهم تلك يقينية وان كانوا أذكياء أجلاء قد عجزوا عن تحقيق ما بمرأى أعينهم حتى اختلفوا في حقيقته)..




















    أنماط التفكير

    هناك العديد من أنماط التفكير التي يمكن تحديدها طبقا للدلالات المختلفة لمفهوم العقل:
    أولا : طبقا للدلالة الثانية لمفهوم العقل اى أنماط العقل كفاعلية معرفيه،والتي تختلف طبقا لمستويات الوجود التي يحاول تفسيرها (وجوديا) ،أو طبقا للجهة المنظور منها إلى ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين أو طبقا لمضمون هذه المشاكل(منهجيا). هنالك ثلاثة أنماط للتفكير هي: التفكير العلمي،العقلاني، الديني، سنتناولها بالتفصيل في هذه الدراسة.
    ثانيا : طبقا للدلالة الثالثة لمفهوم العقل اى محصله هذه الفاعلية المعرفية في محاولتها حل مشاكل طرحها واقع معين زمانا ومكانا ، بمستوييها الأول: اى الهيكل العقلي(المعرفي) الحضاري الأساسي والثاني: اى البناء العقلي( المعرفي) المكتسب على هيكلها الأساسي، و محاوله العقل حل مشكلة كيفية تحقيق التقدم الحضاري في المجتمعات المسلمة، يمكن تحديد ثلاثة أنماط للتفكير هي:
    التفكير التقليدي:
    يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة يكون بالعودة إلى الماضي والعزلة عن المجتمعات المعاصرة، وبمنظور علم أصول الفقه الوقوف عند أصول الدين (التي تشكل الهيكل المعرفي الحضاري للمجتمعات المسلمة) وفروعه (التي هي بناء مكتسب على هذا الهيكل المعرفي).
    التفكير التغريبي:
    يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة لا يمكن أن يتم إلا باجتثاث الجذور(الهيكل المعرفي الحضاري للمجتمعات المسلمة) وتبني قيم المجتمعات الغربية. وبمنظور علم أصول الفقه يقوم على تبني قيم حضارة أخرى تناقض أصول الدين وفروعه .
    التفكير التجديدى (الاجتهادي):
    يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة يتم باستيعاب ما لا يناقض أصول الإسلام( التي تمثل الهيكل المعرفىالحضاري للمجتمعات المسلمة) سواء كانت من إبداع المسلمين أو إسهامات المجتمعات المعاصرة الأخرى .







    التفكير العلمي
    مفهوم العلم:
    مفهوم العلم له معنى خاص ومعنى عام ، أما المعنى الخاص فهو نمط معين من أنماط المعرفة يهدف إلى معرفة القوانين الموضوعية التي تضبط حركة تحول الطبيعة وتطور الإنسان .أما المعنى العام لمفهوم العلم فهو المعرفة بكل أنماطها.
    التصور الإسلامي للعلم :
    التصور الاسلامى للعلم يميز (ولا يفصل) بين نمطين من أنماطه:
    العلم التكويني:مضمونه البحث في الظواهر( الجزئية، العينية) والقوانين الموضوعية (السنن الإلهية بالتعبير القرآني) التي تضبط حركتها، ومجال بحثه الوجود (الإنساني والطبيعي).
    العلم التكليفي:مضمونه القواعد الموضوعية المطلقة التي جاء بها الوحي والتي ينبغي أن تضبط النشاط المعرفي العقلي (الاستدلالي) هادف إلى الكشف عن الافتراضات الكلية، التجريدية التي تسبق البحث العلمي السابق الذكر.
    والعلاقة بينهما هي علاقة الجزء (العلم التكليفي) بالكل (العلم التكويني) فالثاني يحد الأول فيكمله و يغنيه ولا يلغيه.
    فمصطلح العلم التكويني يقابل مصطلح العلم في الفكر الغربي ومصطلح العلم التكليفى يقابل مصطلح فلسفه العلم في الفكر الغربي لكن بعد التحقق منها بمعيار الوحي.
    التفكير العلمي:
    الموضوع :هو نمط التفكير الذي يتناول الوجود على المستوى الكيفي: اى ضوابط الحركة في الوجود واتجاهاتها، وهو مستوى نسبي.
    كما يتناول منهجيا ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين لكن على مستوى جزئي عيني أي منظور إليها من جهة معينة هي البحث في قوانين تحول الطبيعة وتطور الإنسان والتي لابد أن تأتي حلول هذه المشاكل على مقتضاها لتكون صحيحة.
    المنهج : ويتصف هذا التناول بخصائص أو خطوات معينة هي خصائص أو خطوات المنهج العلمي:
    الملاحظة: أي مراقبة مفردات الظاهرة ورصدها خلال حركتها.
    الافتراض: أي محاولة افتراض قانون لتلك الحركة من أطوارها على قاعدة واحده في ظروف مماثلة.
    التحقق: إذ الممارسة هي اختبار مستمر لصحة القانون.
    الخرافة
    لغة:
    تزعم العرب أن رجلا من بنى عذره يسمى خرافه ،غاب عن أهله زمانا، ولما رجع اخبرهم انه عاش مع الجن ،ولكنهم كذبوه ،وصاروا يقولون لكل حديث لا يمكن تصديقه حديث خرافه ،وورد حديث( خرافه حق) ضعفه العديد من علماء الحديث، ومعناه إن صح أن اعتقاد خرافه بوجود الجن حق لان الإسلام يقر بوجود الجن لا أن روايته عن اتصاله بالجن صحيحة
    اصطلاحا:
    تعددت معاني الخرافة بتعدد أنواعها ،وتعدد المناهج المستخدمة في تفسيرها.
    وطبقا للمنهج المستخدم في الدراسة نعرف الخرافة(بالمعنى العلمي) بأنها فكره تحاول تفسير ظاهره جزئيه "نوعيه"( اى نوع معين من أنواع الوجود)،عينيه(موجودة في مكان وزمان معينين ) دون أن تكون قابله للتحقق من صدقها أو كذبها بالتجربة والاختبار العلمي التجريبي.
    أما الخرافة بالمعنى الادبى فهي قصة أبطالها شخصيات غير عاقلة من الحيوان والجماد، ولكنها تفكر وتتكلم وتتصف بالعقل والمنطق، ولها عواطف ومشاعر كالبشر وتقوم بدور إنساني واقعي، ولها أغراض وأهداف مختلفة وقد تصاغ شعرا أو نثرا.
    والخرافة بالمعنى الادبى لا تناقض العلم لأنها تنتمي إلى مجال مختلف هو الأدب.
    التفكير الخرافي:
    التفكير الخرافي هو نمط من أنماط التفكير المناقض للتفكير العلمي لأنه يشترك معه في الموضوع(تفسير الظاهرة أو الظواهر الجزئية العينية) ولكنه يختلف عنه في المنهج. فالتفكير العلمي يقوم على الإقرار بان هناك قوانين حتمية تضبط حركه الأشياء والظواهر ومضمون الحتمية تحقق السبب بتوافر المسبب وانتفائه بانتفاء المسبب،بينما التفكير الخرافي يقوم على إنكار هذه القوانين الموضوعية التي تضبط حركتها أو إنكار حتميتها ، اى يقوم على امكانيه انقطاع اطراد هذه السنن الإلهية.
    والتفكير العلمي يقوم على عدم قبول اى فكره تفسر هذه الظواهر قبل التحقق من صدقها أو كذبها بالتجربة والاختبار العلميين أما التفكير الخرافي فيقوم على امكانيه
    قبول اى فكره تفسر هذه الظواهر دون توافر امكانيه التحقق من صدق هذا التفسير بالتجربة والاختبار العلميين.



    موقف الإسلام من نمطي التفكير العلمي و الخرافي:
    اقر الإسلام التفكير العلمي ورفض التفكير الخرافي حين قرر القران أن حركه الكون خاضعة لسنن إلهيه لا تتبدل( فلن تجد لسنه الله تبديلا ولن تجد لسنه الله تحويلا)( فاطر:43).
    ومن خصائص التفكير العلمي التخطيط وله شرطين: عدم توقع تحقق غاية معينه دون تدخل ايجابي من الإنسان. وضرورة سبق الأحداث قبل أن تقع والتحكم في وقوعها طبقا لخطط معينه . أما التفكير الخرافي فيناقض التخطيط وذلك لإلغائه شرطه الأول بالسلبية والتواكل ،وإلغائه شرطه الثاني بالتجريبية والمغامرة، والإسلام لا يعارض التخطيط لأنه يحث على التزام شرطه الأول بتقريره أن شيئا من الواقع لن يتغير ما لم يتدخل الإنسان لتغييره(أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) كما حث على التزام شرطه الثاني بنهيه عن التواكل.
    وقد ورد النهى عن كثير من أنماط التفكير الخرافي التي كانت سائدة في المجتمع العربي الجاهلي :
    كالكهانة ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد بريء مما انزله الله على محمد)( رواه الطبراني)
    والتنجيم (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبه من السحر)( رواه ابو داود وابن ماجه)
    والعرافة (من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاه أربعين يوما)
    والتطير(العيافه والطيرة والطرق من الجبت)
    والسحر(...ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر...).






    الأيمان بالغيب في التصور الاسلامى للوجود والعلم
    الفلسفة الغربية والغيب:
    الفلسفة المادية: المادية تعني أولوية المادة على الروح،والمقصود بالاولويه هنا أن للمادة وحدها وجود حقيقي ،أما الروح فمجرد انعكاس للمادة ليس له اى وجود حقيقي، اى أن النشاط العقلي مجرد انعكاس لجهازه المادي ،وان الوجود يقتصر على الوجود المادي المحسوس.
    الفلسفة المثالية: أما المثالية فتعنى اولويه الروح على المادة، والمقصود بالاولويه هنا أن للروح وحدها وجود حقيقي أما المادة فهي ومجرد تجلى للروح ليس لها اى وجود حقيقي.
    التصور الاسلامى للوجود:أما التصور الاسلامى للوجود فهو قائم على الإيمان بأن الوجود لا يقتصر على الوجود الشهادي المحدود بالحركة خلال الزمان والتغيير في المكان ،ويمكن للإنسان أن (يشاهده) بحواسه ،وبالتالي يدركه بوعيه، ويشمل الوجود ألتسخيري (الطبيعة) و ألاستخلافي (الإنسان) ، بل يمتد ليشمل الوجود الغيبي بشكليه المحدود(غير القائم بذاته)(كوجود كائنات غيبيه كالملائكة والجن والشيطان) والمطلق(القائم بذاته)( كوجود الله تعالى) وهو وجود (غائب) عن حواس الإنسان وبالتالي عن إدراكه وتصوره (بخلاف الفلسفة المادية الغربية) .
    غير أن إثباته لهذا الوجود الغيبي المطلق عن قيود الزمان والمكان لا يترتب عليه إنكار الوجود الموضوعي (الحقيقي) للوجود الشهادي المحدود بالزمان والمكان أو انضباط حركته بسنن إلهية لا تتبدل (السببية) (فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً)(بخلاف الفلسفة المثالية(الروحية) الغربية).
    فعالم الغيب يحد عالم الشهادة ولا يلغيه، اى أن العلاقة بينهما علاقة وحدة(لا علاقة خلط كما في المثالية)وتمييز (لا فصل (إلغاء) كما في الفلسفة المادية).
    وشرط توافر إمكانية إدراك العقل للوجود الغيبي المطلق أن يكون محدوداً (مقيداً) بالوحي، وأولى خطوات هذا التحديد (التقييد) هي الإيمان بالغيب والإيمان في اللغة هو التصديق كما في قول إخوة يوسف (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)، ومعناه الاصطلاحي (هو تسليم وإقرار العقل بصحة فكرة أو اعتقاد لا يمكن إثباتها بالتجربة والاختبار العلميين لأن الوجود موضوع الفكرة أو الاعتقاد غير محدود بالزمان أو المكان أي وجود غيبي (هو موضوع الوحي).
    هكذا فإن إثبات القران لعالم الغيب أو للكائنات الغيبية كالملائكة أو الجن أو الشياطين لا يناقض التفكير العلمي لأنه لا يقوم على إنكار الوجود الموضوعي (الحقيقي) للوجود الشهادي أو انضباط حركته بسنن إلهية لا تتبدل (السببية) (فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً) .
    كما انه يناقض التفكير الخرافي القائم على التسليم والإقرار بصحة فكرة أو اعتقاد عن ظاهرة تقع في نطاقه دون التحقق من كونها صادقة أو كاذبة بالتجربة والاختبار العمليين (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً) "الإسراء: 26"، (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها) "الحج: 46".
    ويقول ابن تيمية في معرض رده على من أنكروا كون حركة الكواكب لها أسباب حسية يجب تفسيرها بها (إنه ليس من السلف من أنكر كون حركة الكواكب قد يكون من تمام أسباب الحوادث، كما أن الله جعل هبوب الرياح ونور الشمس والقمر من أسباب الحوادث).











    مفاهيم:
    السحر
    اثبت أهل السنة بفرقهم المختلفة وجود السحر، لثبوته بالقران ، وقالوا انه ينقسم إلى قسمين
    تخييلى: وهو قلب الأعيان بالنسبة للمعاين لا في ذاتها( اى تغيير الإدراك الحسي للأشياء) وأدلته:ورود السحر في القران بهذا المعنى:( سحروا أعين الناس واسترهبوهم..). [ الأعراف:116 )( فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى)[ طه: 66] وصف سحر الرسول (ص) فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رض أنها قالت "سحر رسول الله (ص) حتى كان ليخيل إليه انه ياتى النساء ولم يأتهن".
    حقيقي: قلب الأعيان في ذاتها(اى تغيير الحقيقة الموضوعية للأشياء).
    وإذا كان لا خلاف في تفسير السحر التخييلى فان هناك مذهبين في تفسير السحر الحقيقي :
    الإثبات المطلق: اى القول بأن السحر الحقيقي هو قلب للأعيان في ذاتها (اى انه يغير الحقيقة الموضوعية للأشياء) على وجه الإطلاق ،ويعنى هذا ان القلب أو التغيير يمكن أن يتم حتى بانقطاع اطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود وهو ما يناقض مع المنهج الإسلامي،فضلا عن عدم تمييزه بين السحر والمعجزة
    الإثبات المقيد:اى إثبات وجود السحر الحقيقي مع تقييده بعدم انقطاع اطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود، اى تفسيره بأنه قلب للأعيان التي تتيح السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود امكانيه قلبها اى تغيير حقيقتها الموضوعية، بعبارة أخرى فأن هذا التغيير يتم طبقا لقوانين نوعيه(هي بمثابة شرط لفاعليه القوانين الكلية) يعلمها الساحر ويجهلها غيره، اى انه يتم طبقا لأسباب يعلمها الساحر ويجهلها غيره.ونجد إشارات لهذا التفسير عند بعض العلماء:
    يقول القرطبى ( السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب، غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس، ومادته الوقوف على خواص الأشياء والعلم بوجوه تركيبها وأوقاتها، وأكثرها تخييلات بغير حقيقة، وإيهامات بغير ثبوت، فيعظم عند من لا يعرف ذلك كما قال الله تعالى عن سحرة فرعون: (وجاءوا بِسِحْرٍ عظيم)(الأعراف: 116). مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالاً وعصيًا. ثم قال: والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرًا في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر، وفي الأبدان بالألم والسقم، وإنما المنكور أن الجماد ينقلب حيوانًا أو عكسه بسحر الساحر ونحو ذلك)
    ويقول الجوهري:السحر الآخذة ، وكلّ ما لَطُف مأخذه ودَقّ فهو سحر . وسحره أيضا بمعنى خدعه . وقال ابن مسعود: كنّا نُسَمّي السحر في الجاهلية العِضَة. والعضة عند العرب: شدّة البَهْت وتمويه الكذب
    و التفسير الأخير للسحرالحقيقى لا يناقض التفكير العلمي ولا يقع في إطار التفكير الخرافي لأنه لا يقوم على انقطاع اطراد السنن الالهيه. بخلاف التفسير الأول .



















    العين
    كما اثبت أهل السنة العين وعرفوها بأنها النظرة التي ينظرها الإنسان لنفسه أو لغيره؛ إما حسدًا ، وإما إعجابًا،تؤثر سلبا بالضرر . غير أن هناك مذهبين في تفسير طبيعتها:
    الإثبات المطلق: اى إثبات تأثير العين دون تقييده بعدم انقطاع اضطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود، فهي تتم دون أسباب، وقال بهذا الراى بعض العلماء ولكنه تعرض للنقض ،ينقل ابن القيم (يحدث ضرر العائن على المعين بقدرة الله من غير سبب ولا تأثير، وهذا مذهب منكري الأسباب غير المرئية والمحسوسة، وهذا مذهب مرجوح).
    الإثبات المقيد: اى إثبات العين مع تقيد تأثيرها بعدم انقطاع اضطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود، في تتم على مقتضى العلاقة الحتمية بين الأسباب والمسببات ،اى تتم بسبب ولكننا نجهل هذا السبب و مرجع ذلك القصور المرحلي للعلم الانسانى ورد في فتح الودود : والعين حق لا بمعنى أن لها تأثيرا ؛ بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب العادية يخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة انتهى ) (1).
    وقال الخطابي (وأن الذي يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عن مقابلة شخص لآخر، وهل ثم جواهر خفية أولا؟ هو أمر محتمل لا يقطع بإثباته ولا نفيه).
    فالتفسير الأول للعين يناقض التفكير العلمي، بخلاف التفسير الثاني الذي يتفق مع المنهج العلمي لأنه لا يخرج عن إطار معرفتنا بالقانون الكلى التأثير المتبادل مع جهلنا بالقانون النوعي للتأثير المتبادل بين الذوات الواعية والذي يحدد لنا شرط فعالية القانون الكلى فيه، فنعرف منه كيف يحدث التأثير المتبادل بينها.





    الكرامة

    اللغة: من كرم الشيء كرماً إذا نفس وعز فهو كريم وله كرامة أو عزازة، وكل شيء شرف في حاله فإنه يوصف بالكرم، وأكرمته إكراماً عظمته ونزهته والإكرام والتكريم أن يوصل إلى الإنسان إكرام أي لا يلحقه فيه غضاضة (الصحاح والقاموس والمصباح).
    الاصطلاحا:اثبت أهل السنة بفرقهم المختلفة(اشاعره ،طحاويه،حنابلة،أهل الظاهر،الماتريديه) كرامات الأولياء، غير أن هناك مذهبين في إثباتها:
    الأول:الإثبات المطلق:
    اى إثبات الكرامة دون تقييد مضمونها :
    تكوينيا: فما جاز معجزه لنبي جاز كرامه لولى ،وبالتالي فان الكرامة هي تكريم الله لشخص صالح(الولي) بانقطاع اضطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود،وهو ما عبر عنه أصحاب هذا التفسير بتعريف الكرامة بأنها " خرق للعادة" والمقصود بالعادة عند أصحاب هذا التفسير العادة المضطرة اى السنن الالهيه..
    تكليفيا: قال بهذا التفسير بعض متاخرى الصوفية.غير أن هذا التفسير لا يوضح الفرق بين الكرامة والمعجزة لذا رفضه عدد من متأخري الاشاعرة و المتصوفة منهم السبكي القائل )معاذ الله أن يتحدى نبي بكرامه تكررت على ولي، بل لا بد أن يأتي النبي بما لا يوقعه الله على يد الولي ،و إن جاز وقوعه فليس كل جائز في قضايا العقول واقعا . و لما كانت مرتبة النبي أعلى و أرفع من مرتبة الولي كان الولي ممنوعا مما يأتي به النبي على الإعجاز و التحدي ، أدبا مع النبي ((1).
    الثاني:الإثبات المقيد:
    اى إثبات الكرامة للأولياء،مع تقييد مضمونها:
    تكليفيا: بالتزام الأوامر والنواهي التي مصدرها الوحي. وهو رأى الحنابلة و كثير من الصوفية . الشريف الجرجاني (ظهورُ أمرٍ خارق للعادة من قِبَل شخص غير مُقارنٍ لدعوى النبوة، فما لا يكون مقروناً بالإيمان والعمل الصالح يكون استدراجاً، وما يكون مقروناً بالنبوة يكون معجزة)(2).

    (1)طبقات الشافعية 2/.32
    (2)التعريفات،الجرجاني، ص210

    تكوينيا: بالتزام حتمية السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود ، اى أنها تتم دون انقطاع اضطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود.
    وهو يقارب رأى عدد من العلماء الذين فرقوا بين الكرامة والمعجزة بان ما جاز معجزه لنبي لا يجوز كرامه لولى ، يقول الإمام النووي (قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين الذي صار إليه أهل الحق جواز انخراق العادة في حق الأولياء ... قال وصار بعض أصحابنا إلي أن ما وقع معجزة للنبي لا يجوز تقدير وقوعة كرامه لولي فيمتنع عند هؤلاء أن ينفلق البحر وينقلب العصا ثعبان ويحي الموتى إلي غير ذلك من آيات الأنبياء كرامة لولي )(1)
    و الاسفرائينى من الاشاعره (إن الكرامة لا تبلغ مبلغ خرق العادة وإنما هي إجابة دعوة أو موافاة ماء في غير موقع المياه أو ما ضاهي ذلك، وكل ما جاز معجزة لنبي لم يجز كرامة لولي)(2) وأبو محمد بن أبي زيد المالكي الذي رفض الكرامة طبقا للتفسير الأول إلا بشرط حدوثها في المنام , وتبعه في هذا الراى عددا من العلماء منهم أبا الحسن علي القابسي (ت 403هـ) وأبا جعفر أحمد الداودي (402هـ).
    وجوز الإمام ابن حزم من أهل الظاهر الكرامة طبقا للتفسير الأول في حياة الرسول أما بعد موته صلى الله عليه وسلم فيرى انه لا سبيل إلى شيء من هذا. (3) وطبقا لهذا التفسير يجوز الأخذ بالتعريف الكرامة بأنها"خرق للعادة".بشرط أن يكون المقصود بالعادة ما اعتاد عليه الناس لا العادة المضطردة، ورد في شرح العقيدة الطحاويه"فالمعجزة في اللغة كل أمر خارق للعادة ،وكذلك الكرامة في عرف ألائمه أهل العلم المتقدمين، ولكن كثير من المتأخرين يفرقون في اللفظ بينهما...وجماعها الأمر الخارق للعادة...وإنما ينال من تلك الثلاثة بقدر ما يعطيه الله ،ويعلمه ماعلمه الله إياه، ويستغنى عما أغناه الله ،ويقدر على ما اقدره الله عليه من الأمور المخالفة للعادة المضطردة أو لعاده اغلب الناس ،فجميع المعجزات والكرامات لا تخرج عن هذه الأنواع )(4)
    وبالتالي فان الأيمان بالكرامة طبقا لهذا التفسير يتفق مع المنهج الإسلامي الذي يقرر انضباط حركة الوجود بسنن إلهية لا تتبدل (ولن تجد لسنة الله تبديلاً) كما يتفق مع التفكير العلمي ويناقض التفكير الخرافي.

    (1)الإمام النووي، بستان العارفين، ص 30.
    (2)الاسفرائينى، الموافقات، ص25.
    (3)ابن حزم،الأصول والفروع،دار الكتب العلمية،بيروت،1984،ص123.
    ( 4) شرح العقيدة الطحاويه ،مكتبه الدعوة الاسلاميه،القاهرة،ص 499.
    التفكير الديني
    الموضوع:فالدين يتناول -من خلال الوحي- الوجود (بشكليه الطبيعي والاجتماعي)على المستوى الماهوى، اى المستوى المطلق(لا يخضع للتغير في المكان أو التطور خلال الزمان) والغيبي(غائب عن حواس وعقل الإنسان). فهو يتناول الوجود الطبيعي على المستوى الماهوى، اى كيف بدا الوجود وكيف سينتهي وماهية القوه التي أوجدته. كما يتناول الوجود الاجتماعي على ذات المستوى، اى القواعد والقيم التي تحقق مصلحه الإنسان في كل زمان ومكان. وغاية الدين من هذا وضع ضوابط موضوعيه مطلقه للعقل في تفسيره لمستويات الوجود الأخرى التي تتوافر له امكانيه تفسيرها.وبالتالي فان التفكير الديني هو نمط التفكير الذي يحدد الوحي ولا يلغى محاولته تفسير الوجود، أو وضع القواعد والقيم التي تحقق مصلحه الإنسان في مكان وزمان معينين.
    المنهج :كما أن التفكير الديني يتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع معين زماناً ومكاناً ولكن منظور إليه من جهة علاقتها من حيث هي جزء من الواقع المحدود زماناً ومكاناً بالمطلق الغيبي (ووسيلة معرفته الوحي)،اى هو نمط التفكير الذي يحدد فيه الوحي ولا يلغى نوع المشاكل التي يواجهها الإنسان وطريقة العلم بها ،ونمط الفكر الذي يسوغ حلولها ،وأسلوب العمل اللازم لتنفيذها.
    البدعة:
    اللغة :هي إحداث أو إنشاء شيء أو صفه بدون احتذاء أو إقتداء بأصل أو مثال سابق. ( قُلْ ما كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُسُلِ ومَآ أدرِي مَا يُفعَل بِي وَلا بِكُم... ) "الاحقاف 46 : 9". ( بَديِعُ السَمَوَاتِ و الأرض وإذَا قَضَى أمراً فإنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) "البقرة 2 : 117 .".
    يقول الفراهيدي : (البَدع : إحداثُ شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة) (1)ويقول الراغب : (الإبداع : هو إنشاء صفةٍ بلا احتذاء وإقتداء) ، والإبداع أصلٌ ثانٍ للبدعة ، وهو مأخوذ من «أبدع» .(2)
    اصطلاحا: هي الاضافه إلى الدين، والمقصود بالدين أصوله لا فروعه، فان الاخيره هي اجتهاد، دون الاستناد إلى نص يقيني الورود قطعي الدلالة، يقول تعالى (... ورَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيهِمْ إلاّ ابتغاء رِضوَانِ اللهِ ....) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم –في الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن جابر )

    (1)العين ، للفراهيدي 2 : 54 .
    (2) معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم ، للراغب الاصفهاني : 36.
    بن عبد الله قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته...." الحديث وفيه يقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة". رواه مسلم ومعناه عند البخاري من حديث ابن مسعود.وقال:"فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة". رواه أحمد واللفظ له، وابن ماجة والترمذي.. وقال «لا يذهب من السُنّة شيء حتى يظهر من البدعة مثله ، حتى تذهب السُنّة وتظهر البدعة ...» (كنز العمال ، لعلاء الدين الهندي 1 : 222 |
    يقول ابن رجب الحنبلي: (ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدّل عليه ، أما ما كان له أصل من الشرع يدّل عليه فليس ببدعة شرعاً وإنْ كان بدعة لغةً)(1)
    ويقول ابن حجر العسقلاني: (أصلها ما أُحدِثَ على غير مثال سابق ، وتطلق في الشرع في مقابل السُنّة فتكون مذمومة...) (2)
    ويقول ألشاطبي : (البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يُقصد بالسلوك عليها ما يُقصد بالطريقة الشرعية ـ وقال في مكان آخر ـ يُقصد بالسلوك عليها : المبالغة في التعبّد لله تعالى)(3) فنمط التفكير البدعى وان كان يتفق مع الدين في الموضوع، فيتناول ما هو غيبي مطلق، فانه يختلف عنه وبالتالي عن نمط التفكير الديني(الاجتهاد) في المنهج ووسيلة المعرفة،فهو يستند إلى الحواس والعقل دون أن يكون محدودا بالوحي كما في الأخير، وبالتالي فان نمط التفكيرالبدعى يتضمن نمطي التفكير شبه الخرافي( لأنه يخلط بين الغيب و الحواس وموضوعها(الجزئي العيني)) والتفكير شبه الاسطورى( لأنه يخلط بين الغيب والعقل وموضوعه (الكلى المجرد) ).لكن هذا التفكير لا يتضمن نمطي تفكير خرافي أو التفكير الاسطورى في شكلهما الكامل لتناقضهما مع الدين كما سبق بيانه .
    كما إن نمط التفكير الديني(الاجتهاد) يتضمن نمطي التفكير العلمي والعقلاني لأنه نمط التفكير الذي يحدد الوحي فيكمل ويغنى ولكن لا يلغى محاوله العقل تفسير الوجود العيني الجزئي استنادا إلى الحواس ، أو الوجود الكلى المجرد استنادا إلى العقل وقوانينه.



    (1)جامع العلوم والحكم ، لابن رجب الحنبلي : 160 طبع الهند.
    (2) فتح الباري ، لابن حجر العسقلاني 5 : 156
    (3)الاعتصام ، للشاطبي 1 : 37.

    التفكير العقلاني
    الموضوع:هو نمط التفكير الذي يتناول الوجود على المستوى اللماذى للوجود اى العلاقة بين المستوي الكيفي النسبي والمستوى الماهوى المطلق. ويتناول(منهجيا) ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين لكن على مستوى كلي مجرد أي منظور إليها من جهة معينة هي الأصول الفكرية (الكلية، المجردة) لهذه المشاكل.
    المنهج: ويتصف هذا التناول بالاتي:
    الشك المنهجي (النسبي):يقوم التفكير العقلاني على الشك المنهجي أو النسبي وهو شك مؤقت ووسيلة لا غاية في ذاته إذ غايته الوصول إلى اليقين أي أن مضمونه المنهجي عدم التسليم بصحة حل معين للمشكلة إلا بعد التحقق من كونه صحيح. والشك المنهجي يختلف عن كل من الشك المذهبي والنزعة القطعية. فالشك المذهبي أو المطلق دائم وغاية في ذاته أي أن مضمونه المنهجي قائم على أنه لا تتوافر للإنسان إمكانية حل أي مشكلة.أما النزعة القطعية فتقوم على التسليم بصحة حل معين دون التحقق من كونه صادق أم كاذب.
    العقلانية:ويتصف المنهج الفلسفي بالعقلانية. أي استخدام ملكة الإدراك (المجرد) كوسيلة للمعرفة إذ الفلسفة هي محاولة إدراك الحلول الصحيحة للمشاكل الكلية المجردة.
    المنطقية:ويتصل بالخصيصة السابقة أن المنهج الفلسفي يستند إلى المنطق بما هو القوانين (السنن الإلهية) التي تضبط حركة الفكر الإنساني ذلك أن الفلسفة لكي تصل إلى حلول صحيحة لمشاكلها يجب أن يستند إلى القوانين أو السنن الإلهية التي تضبط حركة تحول الطبيعة وتطور الإنسان وحركة الفكر.
    النقدية:والمنهج الفلسفي قائم على الموقف الرافض لكل من القبول المطلق والرفض المطلق والذي يرى أن كل الآراء (بما هي اجتهادات إنسانية) تتضمن قدراً من الصواب والخطأ وبالتالي نأخذ ما نراه صواباً ونرفض ما نراه خطأ.
    الأسطورة:
    لغةً: الأسطورة في لغة العرب الأحاديث المنمقة أو المزخرفة التي لا نظام لها . فهي مشتقة من السطر من الشيء : بمعنى الصف من الكتاب والشجر والنخل ونحوها . وسطر : إذا كتب كما ورد في قوله تعالى ( ن والقلم وما يسطرون )، وسطرها بمعنى ألفها ، وسطر علينا : أتانا بالأساطير ، وسطر فلان على فلان ، إذا زخرف له الأقاويل ، ونمقها ، وتلك الأقاويل : الأساطير. وكلمة ( أساطير ) وردت في القرآن الكريم في صيغه الجمع ، كما إنها جاءت دائماً مضافة إلى (الأولين) :(قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ) ( الأنفال : 31 ) (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالو أساطير الأولين )( النحل : 24) (قد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ) ( النمل : 68)(وقالوا أساطير الأولين إكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً )( الفرقان : 5). وعند الأوربيين ظهر فرع جديد من فروع العلم يعنى بدراسة وتفسير الأساطير هو الميثولوجى Mythology . والشق الأول من الكلمة Mytho مأخوذة من اليونانية Mutho التي تعني حكاية تقليدية عن الآلهة وألا بطال ، أما الشق الثاني Logy فيعني العلم (1) و كلمة أسطورة تعارض العقل ( لوغوس) في اليونانية (2)
    اصطلاحا: تعددت تعريفات الاسطوره طبقا لتعدد أنواعها، وتعدد المناهج التي تتناولها بالدراسة.
    ا/ طبقا لتعدد أنواعها:
    الأسطورة الطقوسية : وهي تمثل الجانب الكلامي لطقوس الأفعال التي من شأنها أن تحفظ للمجتمع رخاءه .
    الأسطورة التكوينية : وهي التـي تصور لنا عملية خلق الكون .
    الأسطورة التعليلية : وهي التي حاول الإنسان عن طريقها ، أن يعلل ظاهرة تستدعي نظره ، ولكنه لا يجد لها تفسيراً ، ومن ثم فهو يخلق حكاية أسطورية ، تشرح سر وجود هذه الظاهرة .
    الأسطورة الرمزية : وهي التي تتضمن رموزاً تتطلب التفسير ، ومن المؤكد أن هذه
    الأساطير قد ألفت في مرحلة فكرية أكثر نضجاً ورقياً .
    أسطورة الأبطال الخارقين : وهي التي يتميز فيها البطل ذو الصفات الخارقة ، ولكن صفاته الإنسانية دائماً تشده إلى العالم الأرضي .(3)
    ب/طبقا لتعدد مناهج دراسة الأساطير:
    المنهج المجازي: يرى أن الأسطورة قصة مجازية ، تخفي أعمق معاني الثقافة .المنهج الرمزي: يرى أن الأسطورة قصة رمزية ، تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها ، لذلك يجب دراسة العصور نفسها لفك رموز الأسطورة .المنهج العقلي: يذهب إلى نشوء الأسطورة نتيجة سوء فهم أرتكبه أفراد في تفسيرهم ، أو قراءتهم أو.سردهم لرواية أو حادث.
    (1)مغامرة العقل الأولى / فراس السواح ، ص12.
    (2)الميثولوجيا اليونانية ، بيار غريمال ، ترجمة هنري زغيب ، منشورات عويدات 1982 بيروت،ص5.
    (3)نبيلة إبراهيم - دار نهضة مصر ، القاهرة ص 15-22
    منهج التحليل النفسي: يحتسب الأسطورة رموزاً لرغبات غريزية وانفعالات نفسية .
    و طبقا للمنهج المستخدم في الدراسة فإننا نعرف الاسطوره(بالمعنى الفلسفي) بأنها فكره تحاول تفسير الوجود على المستوى الكلى المجرد لكن دون توافر امكانيه التحقق من صدق هذه الفكرة أو كذبها بواسطة الادله العقلية والمنطقية.أما الاسطوره
    بالمعنى الادبى فهي: الحكايات الخيالية، التي توجد عند الأمم في أشكال التعبير في الأدب الشعبي-ماضيها ، ومادتها أشخاص أو حوادث أو أعمال فوق طاقة البشر...
    خصائص التفكير الاسطورى:
    1-القبول المطلق لفكره وبالتالي الرفض المطلق للأفكار الأخرى .
    2- الشك المطلق أي إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة، أو النزعة القطعية أي التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة.
    3-الاستناد إلى الإلهام أو الوجدان والخيال ( الذي يلغى العقل).
    4- اللامنطقيه ( التناقض) .
    موقف الإسلام من نمطي التفكير العقلاني و الاسطورى:
    من خصائص التفكير العقلاني الموقف النقدي القائم علي تجاوز كل من موقف القبول المطلق والرفض المطلق إلي الموقف القائم علي البحث عن أوجه الصواب وأوجه الخطأ في الرأي المعين وأخذ ما هو صواب ورفض وما هو خطأ، وهذا الروح النقدية حث عليها الإسلام كما في قوله (ص)( لا يكون أحدكم امعه يقول إنا مع الناس أن أحسنوا أحسنت وان اساؤا أسئت بل وطنوا أنفسهم أن أحسن الناس أن تحسنوا وأن أساءوا تجتنبوا أساءتهم) كما في قوله تعالي( الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه) أما التفكير الأسطوري فيقوم علي القبول المطلق لفكره وبالتالي الرفض المطلق للأفكار الأخرى و هو ما رفضه الإسلام.
    من خصائص التفكير العقلاني الشك المنهجي القائم علي عدم التسليم لصحة فكرة معينة لا بعد التحقق م كونها صحيحة هذا الشك المنهجي نجد نموذج له في وصف القرآن لانتقال إبراهيم (ع) من الاعتقاد بربوبية القمر إلي الاعتقاد بربوبية الشمس إلي الاعتقاد بربوبية الله تعالي ويمكن أن نجد نموذجاً لهذا النوع من الشك في القرآن( فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين .فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين .فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون ) (الأنعام76 – 78).
    كما استخدمه الإمام الغزالي كما في كتابه المنفذ من الضلال أما التفكير الأسطوري فيقوم علي الشك المطلق أي إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة، من هذا النوع من الشك عبر عنه القرآن بمصطلح ريب (أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا) أو النزعة القطعية أي التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة وهو الأمر الذي ذمه القرآن (قالو:حسبنا الله وما وجدنا عليه إباؤنا أو لو كان إبائهم لا يعلمون شيئاً لا يهتدون)
    من خصائص التفكير العقلاني الاستناد إلي العقل كوسيلة للمعرفة وإذا كان الإسلام قد حث علي إعمال العقل (بما لا يتناقض الحواس والوحي كوسائل المعرفة) فإن نمط التفكير الأسطوري يستند علي الإلهام أو الوجدان والخيال ( الذي يلغى العقل) وهو ما رفضه الإسلام.
    من خصائص التفكير العقلاني المنطقية اى الاستناد إلي المنطق بما هو أنماط التفكير السليمة المستندة إلي قوانين التفكير وأهمها قانون عدم التناقض والذي أشار إليه القران( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا) بخلاف نمط التفكير الاسطورى اللامنطقى ( المتناقض).












    العلاقة بين أنماط التفكير
    سبق بيان أن كل نمط من أنماط اتفكير هو محاوله لتفسير الوجود لكن على مستوى معين، ومنهجيا هو محاوله لحل المشاكل التي يطرحها الواقع لكن منظور إليها من جهة معينه هي المستوى المعين للوجود الذي يحاول نمط التفكير المعين تفسيره .
    والعلاقة بين المستويات المختلفة للوجود، وبالتالي الجهات المنظور منها إلى المشاكل التي يطرحها الواقع، هي علاقة الكل بالجزء يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه، وهو مضمون العلاقة بين أنماط التفكير التي تفسر هذه المستويات.
    فالعلاقة بين التفكيرالدينى والعقلاني والعلمي هي علاقة تحديد لا إلغاء، إذا الكل يحد الجزء ولا يلغيه، ولا يحدث التناقض بينهما ما دام كل نمط من أنماط التفكير مقصور على مستوى الوجود الذي يهدف إلى تفسيره.
    و نمط التفكير الديني(الاجتهاد) يتضمن نمطي التفكير العلمي والعقلاني لأنه نمط التفكير الذي يحدد الوحي فيكمل ويغنى ولكن لا يلغى، محاوله العقل تفسير الوجود العيني الجزئي استنادا إلى الحواس ، أو الوجود الكلى المجرد استنادا إلى العقل وقوانينه ،فالوحي هنا بمثابة ضوابط موضوعيه مطلقه لضمان استمرار فاعليه العقل دون أن ينحرف إلى موضوعات لا تتوافر له امكانيه تفسيرها.
    كما أن نمط التفكير البدعى يتضمن نمطي التفكير شبه الخرافي( لأنه يخلط بين الغيب و الحواس وموضوعها(الجزئي العيني) والتفكير شبه الاسطورى( لأنه يخلط بين الغيب والعقل وموضوعه (الكلى المجرد) ).لكن هذا التفكير لا يتضمن نمطي تفكير خرافي أو التفكير الاسطورى في شكلهم الكامل لتناقضهم مع الدين . فعلى سبيل المثال لا يمكن أن يحدث تناقض بين الدين والعلم مادام الأول مقصورا على المطلق الغيبي ولا يتجاوزه إلى ما هو محدود (نسبي)الشهادى كما حدث في أوربا في العصور الوسطي حين جعل بعض رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية بعض النظريات العلمية جزء من الدين المسيحي حيث ثبت خطأ حدث تناقض (زائف) بين العلم والدين وكما يحدث عند البعض من محاولة جعل القرآن كتاب علم من علوم الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء، والواقع من الأمر أن القرآن قد اكتفى في هذا المجال (كما في سائر المجالات) بما فيه هذى للناس في كل زمان ومكان وترك لهم أمر الاجتهاد فيما و محدود بالزمان والمكان نسبي فيهما فاكتفى بأن حرص المسلمين على أن ينتهجوا البحث العلمي إلى المعرفة فقرر أن حركة الوجود منضبطة بسنن لا تتبدل ثم دعاهم إلى الاجتهاد في معرفتها والتزامها.
    قال تعالى (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) (آل عمران: 137).
    أما الآيات المتضمنة بتفسير بعض الظواهر الطبيعية فهي بمثابة أمثلة مضروبة للناس من أجل حثهم على البحث العلمي في السنن الإلهية التي تضبط الواقع الطبيعي والإنساني لا الاكتفاء بما في القرآن .
    كما لا يمكن ان يحدث تناقض بين الفلسفة والعلم مادامت الفلسفة مقصورة على الدراسات الفكرية المجردة أو مادامت لا تتجاوز محاولة إرساء مقدمات مجردة تمهيداً للاقتراب من الواقع العيني إلى المحاولة اتخاذ مواقف عينية من الواقع كما فى الفلسفات التي تدعى صفه العلمية كالوضعية والماركسية..
    .
















    العقل المسلم مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون
    ظهر الإسلام في منطقه ساد فيها التخلف الحضاري بكل أشكاله(والتي هي في ذات الوقت بمثابة شروطه الموضوعية والذاتية)، فقد سادت فيها أشكاله الذاتية (التي هي بمثابة شروطه الذاتية ) ممثله في سيادة أنماط التفكير الخرافي الاسطورى . ثم جاء الإسلام فهدي الناس إلي أعمال العقل، وانشأ المسلمون نتيجة ذلك أنماط متعددة من التفكير العقلاني الذي لا تناقض الأيمان أو الوحي وان كانت تناقض بالتأكد نمط التفكير الأسطوري.
    كما ساد التخلف العلمي ممثلا في سيادة أنماط التفكير الخرافي القائم على تفسير الظواهر العينية (إي الوقائع المعينة بذاتها زمانا ومكانا) ألنوعيه(إي المتعلقة بنوع معين من أنواع الوجود) في هذا المنطقة عندما كانت مجتمعاتها في الاطوارالقبلية والشعوبية .وعندما جاء الإسلام هدى الناس إلي أصول منهج البحث العلمي وترك لهم وضع فروعه واستعماله ولم يحتاج المسلمون إلي كثير من الوقت لاحتلال المراتب الأولى في كثير من العلوم كما ساد انتهاج الأسلوب العلمي في التفكير والحركة.
    غير انه نسبة لظروف خارجية،( التهديد المغولي، الصليبي...)و داخليه (الاستبداد،.قفل باب الاجتهاد...) حدث بطء في التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة، ثم اصطدمت هذه المجتمعات بشعوب أوربا التي حررتها الليبرالية فانهزمت وهنا خضعت للاستعمار،وقد عمل الاستعمار علي نشر التغريب الذي يمكن تعريفه بأنه قدر من الشعور المستقر بالانتماء إلي الحضارة الغربية علي حساب الولاء الإسلامي، وهكذا فإن الجمود( الذاتي)و الاستعمار (الموضوعي) أديا إلى توقف التقدم الحضاري ، و ظهر التخلف الحضاري بأشكاله الموضوعية (النظم التي تكرس للاستبداد، والظلم الاجتماعي والتجزئة ...) والذاتية(سيادة نمط التفكير البدعى المتضمن للتفكير شبه الخرافي و الأسطوري).
    وبالتالي فان محاربه التفكير البدعى (والتفكير شبه الخرافي وشبه اسطورى المضمن فيه) ونشر التفكير الاجتهادي (والتفكير العلمي والعقلاني الذي لا يتناقض مع الوحي المتضمن فيه) هو شرط ذاتي لتحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة




    الخاتمة
    التفكير العلمي يتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين لكن على مستوى جزئي عيني أي منظور إليها من جهة معينة هي البحث في قوانين تحول الطبيعة وتطور الإنسان والتي لابد أن تأتي حلول هذه المشاكل على مقتضاها لتكون صحيحة. ويتصف هذا التناول بخصائص أو خطوات معينة هي خصائص أو خطوات المنهج العلمي: الملاحظة، الافتراض، التحقق.
    أما التفكير الخرافي فهو نمط من أنماط التفكير المناقض للتفكير العلمي لأنه يشترك معه في الموضوع(تفسير الظاهرة أو الظواهر الجزئية العينية) ولكنه يختلف عنه في المنهج. فالتفكير العلمي يقوم على الإقرار بان هناك قوانين حتمية تضبط حركه الأشياء والظواهر ومضمون الحتمية تحقق السبب بتوافر المسبب وانتفائه بانتفاء المسبب،بينما التفكير الخرافي يقوم على إنكار هذه القوانين الموضوعية التي تضبط حركتها أو إنكار حتميتها ، اى يقوم على امكانيه انقطاع اطراد هذه السنن الإلهية.والتفكير العلمي يقوم على عدم قبول اى فكره تفسر هذه الظواهر قبل التحقق من صدقها أو كذبها بالتجربة والاختبار العلميين أما التفكير الخرافي فيقوم على امكانيه قبول اى فكره تفسر هذه الظواهر دون توافر امكانيه التحقق من صدق هذا التفسير بالتجربة والاختبار العلميين.
    وقد اقر الإسلام التفكير العلمي ورفض التفكير الخرافي حين قرر القران أن حركه الكون خاضعة لسنن إلهيه لا تتبدل .كما ورد النهى عن كثير من أنماط التفكير الخرافي التي كانت سائدة في المجتمع العربي الجاهلي:كالكهانة والتنجيم والعرافة والتطير.
    والتصور الإسلامي قائم على الإيمان الغيبي بشكليه المحدود "كوجود الملائكة والشياطين والجن" والمطلق "وجود الله تعالى") اى (الغائب) عن حواس الإنسان وبالتالي عن إدراكه وتصوره.
    غير أن إثبات الاسلام لعالم الغيب أو للكائنات الغيبية كالملائكة أو الجن أو الشياطين لا يناقض التفكير العلمي لأنه لا يقوم على إنكار الوجود الموضوعي (الحقيقي) للوجود الشهادي أو انضباط حركته بسنن إلهية لا تتبدل (السببية). "فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً" .
    كما انه يناقض التفكير الخرافي القائم على التسليم والإقرار بصحة فكرة أو اعتقاد عن ظاهرة تقع في نطاقه دون التحقق من كونها صادقة أو كاذبة بالتجربة والاختبار العمليين "،
    أما التفكير العقلاني فيتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين لكن على مستوى كلي مجرد أي منظور إليها من جهة معينة هي الأصول الفكرية (الكلية، المجردة) لهذه المشاكل.
    ويتصف هذا التناول بالشك المنهجي (النسبي): اى عدم التسليم بصحة حل معين للمشكلة إلا بعد التحقق من كونه صحيح. والعقلانية:اى استخدام ملكة الإدراك (المجرد) كوسيلة للمعرفة في محاولة إدراك الحلول الصحيحة للمشاكل الكلية المجردة. والمنطقية:اى أن العقل لكي تصل إلى حلول صحيحة لمشاكله يجب أن يستند إلى القوانين أو السنن الإلهية التي تضبط حركة الفكر.
    والنقدية: اى أن كل الآراء (بما هي اجتهادات إنسانية) تتضمن قدراً من الصواب والخطأ وبالتالي نأخذ ما نراه صواباً ونرفض ما نراه خطأ
    أما خصائص التفكير الاسطورى فهي:القبول المطلق لفكره وبالتالي الرفض المطلق للأفكار الأخرى . الشك المطلق أي إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة، أو النزعة القطعية أي التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة.والاستناد إلى الإلهام أو الوجدان والخيال ( الذي يلغى العقل). اللامنطقيه ( التناقض) .والإسلام يدعو إلى التفكير العقلاني ويحارب التفكير الاسطورى، فالموقف النقدي حث عليه الإسلام كما في قوله تعالي( الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه) ، والشك المنهجي نجد نموذج له في وصف القرآن لانتقال إبراهيم (ع) من الاعتقاد بربوبية القمر إلي الاعتقاد بربوبية الشمس إلي الاعتقاد بربوبية الله تعالي،كما استخدمه الإمام الغزالي كما في كتابه المنفذ من الضلال .كما حث الإسلام علي إعمال العقل (بما لا يتناقض الحواس والوحي كوسائل المعرفة).كما أشار القران إلى قانون عدم التناقض ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا ).كما رفض الشك المطلق الذي عبر عنه القرآن بمصطلح ريب (أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا) والنزعة القطعية (قالو:حسبنا الله وما وجدنا عليه إباؤنا أو لو كان إبائهم لا يعلمون شيئاً لا يهتدون) .
    كما أن التفكير الديني يتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع معين زماناً ومكاناً ولكن منظور إليها من جهة علاقتها من حيث هي جزء من الواقع المحدود زماناً ومكاناً بالمطلق الغيبي (ووسيلة معرفته الوحي)،اى هو نمط التفكير الذي يحدد فيه الوحي ولا يلغى نوع المشاكل التي يواجهها الإنسان وطريقة العلم بها ،ونمط الفكر الذي يسوغ حلولها ،وأسلوب العمل اللازم لتنفيذها.
    والعلاقة بين التفكير الديني والعقلاني والعلمي هي علاقة تحديد لا إلغاء، إذا الكل يحد الجزء ولا يلغيه، ولا يحدث التناقض بينهما ما دام كل نمط من أنماط التفكير مقصور على مستوى الوجود الذي يهدف إلى تفسيره.
    و نمط التفكير الديني(الاجتهاد) يتضمن نمطي التفكير العلمي والعقلاني لأنه نمط التفكير الذي يحدد الوحي فيكمل ويغنى ولكن لا يلغى، محاوله العقل تفسير الوجود العيني الجزئي استنادا إلى الحواس ، أو الوجود الكلى المجرد استنادا إلى العقل وقوانينه ،فالوحي هنا بمثابة ضوابط موضوعيه مطلقه لضمان استمرار فاعليه العقل دون أن ينحرف إلى موضوعات لا تتوافر له امكانيه تفسيرها. كما أن نمط التفكير البدعى يتضمن نمطي التفكير شبه الخرافي( لأنه يخلط بين الغيب و الحواس وموضوعها(الجزئي العيني) والتفكير شبه الاسطورى( لأنه يخلط بين الغيب والعقل وموضوعه (الكلى المجرد) ).لكن هذا التفكير لا يتضمن نمطي تفكير خرافي أو التفكير الاسطورى في شكلهم الكامل لتناقضهم مع الدين .
    وقد ظهر الإسلام في منطقه ساد فيها التخلف الحضاري بكل أشكاله (التي تمثل شروطه الموضوعية والذاتية)، فقد سادت فيها أشكاله الذاتية ممثله في سيادة أنماط التفكير الخرافي الاسطورى ، ثم جاء الإسلام فهدي الناس إلي أعمال العقل، وانشأ المسلمون نتيجة ذلك أنماط متعددة من التفكير العقلاني.و هدى الناس إلي أصول منهج البحث العلمي وترك لهم وضع فروعه واستعماله ولم يحتاج المسلمون إلي كثير من الوقت لاحتلال المراتب الأولى في كثير من العلوم كما ساد انتهاج الأسلوب العلمي في التفكير والحركة. غير انه نسبة لظروف خارجية،( التهديد المغولي، الصليبي...)و داخليه (الاستبداد،.قفل باب الاجتهاد. حدث بطء التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة ثم اصطدمت هذه المجتمعات بشعوب أوربا التي حررتها الليبرالية فانهزمت وهنا خضعت للاستعمار،وقد عمل الاستعمار علي نشر التغريب الذي يمكن تعريفه بأنه قدر من الشعور المستقر بالانتماء إلي الحضارة الغربية علي حساب الولاء الإسلامي، وهكذا فإن الجمود( الذاتي)و الاستعمار (الموضوعي) أديا إلى توقف التقدم الحضاري ، و ظهر الشكل الذاتي للتخلف الحضاري ممثلا في التفكير البدعى المتضمن للتفكير شبه الخرافي و الأسطوري.
    وبالتالي فان محاربه التفكير البدعى (والتفكير شبه الخرافي وشبه اسطورى المضمن فيه) ونشر التفكير الاجتهادي (والتفكير العلمي والعقلاني الذي لا يتناقض مع الوحي المتضمن فيه) هو شرط ذاتي لتحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة.





    المراجع

    1. ابن رجب الحنبلي ،جامع العلوم والحكم ، طبع الهند.
    2. ابن حجر العسقلاني ،فتح الباري ، ج5 .
    3. الإسلام وقضايا العصر،جميعه تبليغ الإسلام، القاهرة .
    4. الراغب الاصفهاني ،معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم.
    5. الطبري ، جامع البيان في تأويل القرآن الجزء الخامس.
    6. بيار غريمال ، ترجمة هنري زغيب، الميثولوجيا اليونانية ، منشورات عويدات ، بيروت1982.
    7. نبيلة إبراهيم ،أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار نهضة مصر ، القاهرة .
    8. فراس السواح ،مغامرة العقل الأولى.
    9. شرح العقيدة الطحاويه، مكتبه الدعوة الاسلاميه، القاهرة، بدون تاريخ.








Ei kommentteja:

Lähetä kommentti