perjantai 6. marraskuuta 2015

خبير يلامس الدلالات السياسية لزيارة الملك إلى الصحراء المغربية

خبير يلامس الدلالات السياسية لزيارة الملك إلى الصحراء المغربية

خبير يلامس الدلالات السياسية لزيارة الملك إلى الصحراء المغربية

يستعد كل المغاربة للاحتفال بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، في ظل تعبئة شاملة لكل مكونات المجتمع المغربي، الذي يغتنم هذه الفرصة ليعبر عن تشبثه بالوحدة الترابية للمغرب، كما هو الحال في كل عام.
غير أن الحدث الهام الذي ستشهده احتفالات هذه السنة هو الزيارة التي سيقوم بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الصحراء المغربية.
ولعل لهذه الزيارة دلالة سياسية قوية، خاصةً أنها تأتي على خلفية محاولات بعض الدول المتعاطفة مع أطروحة الانفصال التي تروج لها الجزائر والبوليساريو تغيير منحى العملية السياسية التي أطلقتها الأمم المتحدة منذ عام 2007، حينما حث مجلس الأمن أطراف النزاع على التوصل إلى حل سياسي ومتوافق عليه، بناءً على مبدأ لا غالب ولا مغلوب.
وقد أبان التوتر السياسي الذي شهدته العلاقات بين المغرب والسويد أن الجزائر والبوليساريو وحلفاءهما يعملون جاهدين لتعطيل العملية السياسية الأممية وتحويلها عن مسارها الصحيح، المتمثل في مساعدة أطراف النزاع على التوصل إلى حل سياسي مقبول وقابل للحياة على أرض الواقع.
كما تأتي هذه الزيارة في سياق الانتخابات المحلية والجهوية التي جرت في المغرب في شهر شتنبر الماضي، وفي ظل الجمود الكلي التي اتسمت به الأمم المتحدة في تعاطيها مع هذا الملف خلال السنوات الأخيرة؛ مما جعل العملية السياسية تراوح مكانها، في غياب أي تأثير يُذكر للعمل الذي يقوم به المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.
وبالتالي، يريد الملك محمد السادس أن يوجه رسالة للمجتمع الدولي مفادها أنه في الوقت الذي فشلت الأمم المتحدة في إيجاد صيغة سياسية نهائية للتوصل إلى حل نهائي متفاوض عليه ومقبول من الطرفين، فإن المغرب ماضِ في سياسته الرامية إلى تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء تماشياً مع المقترح الذي قدمه لمجلس الأمن في شهر أبريل 2007.
فمن خلال هذه الزيارة، يريد المغرب أن يظهر للمجتمع والرأي العام الدوليين أنه لن يتوانى في الدفاع عن وحدته الترابية، وأن سيادته على الصحراء ليست محط مساومة. ولعل هذه الزيارة تعتبر ترجمة على أرض الواقع للخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، في شهر نونبر من السنة الماضية، حينما قال إن الصحراء ليست "قضية الصحراويين وحدهم، بل قضية كل المغاربة، وأنها قضية مصيرية بالنسبة للمغرب"، مضيفاً أن "سيادة المغرب على الصحراء غير قابلة للتفاوض، وأن الصحراء ستبقى مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
كما أن المشاريع التنموية الكبرى، التي من المنتظر أن يطلقها العاهل المغربي تزامناً مع زيارته للأقاليم الصحراوية، تهدف إلى النهوض بهذه المنطقة وجعلها مركزاً اقتصادياً قائماً بذاته، وتوفير فرص الشغل لشباب المنطقة، وخلق قطيعة مع اقتصاد الريع الذي غلب عليها خلال أربعة عقود.
كما تهدف هذه المشاريع إلى فك عزلة الأقاليم الصحراوية عن باقي التراب المغربي، وجعلها بمثابة صلة وصل بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، تماشياً مع السياسة الإفريقية التي أصبح يتبعها المغرب في السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المغرب يهدف إلى خلق 120 ألف منصب شغل في المناطق الصحراوية خلال العشر سنوات القادمة، تماشياً مع توصيات تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر في عام 2013، والذي أكد على ضرورة إشراك القطاع الخاص في الجهود التي تقوم بها الدولة من أجل النهوض بالنسيج الاقتصادي والاجتماعي لهذه المناطق.
دحض أطروحة استغلال المغرب للثروات الطبيعية للصحراء
ومن جهة أخرى، ستفند هذه الاستثمارات كل الادعاءات التي تتهم المغرب باستنزاف الثروات الطبيعية للصحراء، خاصةً وأن العديد من التقارير الإخبارية تحدثت عن عزم الملك إطلاق مشاريع قيمتها ما يناهز 140 مليار درهم (أي ما يقارب 16 مليار دولار أمريكي).
وتعتبر هذه الخطوة في حد ذاتها تأكيداً آخراً لما جاء في الخطاب نفسه الذي ألقاه العاهل المغربي في شهر نونبر الماضي، حينما قال إن المغرب ينفق 7 دراهم مقابل كل درهم يحصل عليه من الصحراء، مما يوضح حجم الاستثمارات التي قام بها المغرب في الصحراء منذ عام 1975.
فمن خلال هذه الخطوة يسعى المغرب إلى إبطال مفعول هذه الورقة السياسية التي بدأت تستعملها البوليساريو في الآونة الأخيرة، إلى جانب الدعاوى المتعلقة بحقوق الإنسان.
فخلال السنوات الماضية، وبدءًا من عام 2002، بدأت تتعالى أصوات تتهم المغرب باستغلال الموارد الطبيعية للصحراء، وتدعو المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع المنتجات المغربية القادمة من الصحراء، ومنع المغرب من التوقيع على اتفاقيات مع شركات التنقيب عن النفط في تلك المناطق الجنوبية.
ولعب السويدي Hans Corell، المستشار القانوني السابق للأمم المتحدة، دوراً محورياً في الترويج لهذه الادعاءات، مما دفع ببعض الدول، وعلى رأسها السويد، إلى فرض عقوبات على كل الشركات التي تتعامل مع الشركات التي تعمل في الصحراء.
غير أن الأفكار التي روج لها المسؤول الأممي السابق ليست مبنية على معطيات دقيقة، ولا على بحث ميداني على الأرض، بل تعتمد فقط على ادعاءات البوليساريو والجزائر، وعلى قناعاته الشخصية.
فأطروحة داعمي البوليساريو مبنية على فكرة مغلوطة مفادها أن معظم مناجم الفوسفاط في المغرب متواجدة في المناطق المتنازع عليها، بينما في الواقع نسبة الفوسفاط القادمة من مناجم بوكراع لا تمثل إلا 8 في المائة من إجمالي إنتاج المغرب لهذه المادة، ويعتبر إنتاجها وتصديرها أعلى تكلفةً من الفوسفاط المتواجد في مناطق أخرى من التراب الوطني.
وحتى لو افترضنا في أحسن سيناريو ممكن أن معدل المداخيل السنوية للمغرب من الفوسفاط منذ عام 1975 هو 1،5 مليار دولار سنوياً، فإن الخزينة العامة للمغرب ستكون قد حققت مداخيل قيمتها 60 مليار دولار خلال العقود الأربعة الأخيرة؛ وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن إنتاج الفوسفاط القادم من المناطق الصحراوية يمثل 8 في المائة من مجموع الإنتاج الإجمالي للمغرب، فإن عائدات الفوسفاط القادمة من تلك المنطقة هي 4،8 مليارات دولار.
الملاحظة نفسها تنطبق على اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في شهر دجنبر 2013.
ففي مقال نشره في شهر فبراير الماضي، ادعى المحامي السويدي أن هذه الاتفاقية مخالفة للقانون الدولي، داعياً مجلس الأمن إلى طلب رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص أحقية المغرب في إدماج المياه الإقليمية للأقاليم الصحراوية في اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، تماشياً مع المادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة؛ وأضاف أنه في حال تعذر ذلك على مجلس الأمن، فعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة القيام به.
وينبني ادعاء Corell على فكرة مفادها أن الأموال التي يجنيها المغرب من هذه الاتفاقية، التي تشمل كذلك مياه الأقاليم الصحراوية، لا تذهب إلى مشاريع تنموية تخدم مصالح ساكنة هذه المنطقة.
غير أن كل هذه الادعاءات المبنية على اعتبارات غير موضوعية لا تصمد أمام تحليل دقيق للحقائق على الأرض؛ فقد وقع المغرب والاتحاد الأوروبي على أول اتفاقية للصيد البحري عام 1995 لمدة أربع سنوات، ولم يتم تجديد الاتفاق خلال الفترتين بين 1999 و2007، وبين 2011 و2013، مما يعني أنه تم العمل بهذا الاتفاق بين الجانبين لمدة عشر سنوات.
وفي هذا الصدد، فحتى لو افترضنا أنه منذ التوقيع على أول اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي عام 1995 حصل المغرب على 40 مليون يورو كل سنة، وأن هذا البروتوكول ينطبق حصرياً على المياه الإقليمية للأقاليم الصحراوية المغربية، فإن المغرب سيكون قد حصل على ما مجموعه 400 مليون يورو.
بناءً على ما سبق، يتضح جلياً أن العائدات المالية التي حصل عليها المغرب من الفوسفاط والصيد البحري القادمين من المناطق الصحراوية لا تتعدى 5،2 مليار دولار على مدى أربعة عقود، فهل استعمل هذه العائدات في أمور لا تخدم مصالح ساكنة الأقاليم الصحراوية كما يدعي المحامي السويدي Corell وقادة البوليساريو؟ وهل كان هناك استغلال للموارد الطبيعية للمنطقة من طرف المغرب؟
إذا ما قارن المرء بين الحالة التي كانت عليها هذه المنطقة إبان الاستعمار الإسباني ووضعها في الوقت الراهن، فسيتضح أن الحكومة المغربية قد أنفقت عشرات الملايير من الدولارات، ساهمت في خلق ثورة معمارية في هذه المنطقة.
فحينما انجلت إسبانيا من الصحراء يوم 28 فبراير 1976، كانت هذه المنطقة من التراب المغربي عبارة عن أرض خلاء لا تتوفر على أبسط متطلبات الحياة البسيطة؛
وعلى سبيل المثال، ففي الوقت الذي بنى المغرب آلاف الكيلومترات من الطرق الوطنية والجهوية الإقليمية في المنطقة، بالإضافة إلى الطريق السيار التي سيتم بناؤها بين مدينتي العيون وتزنيت، لم تتوفر الصحراء إلا على 600 كيلومتر من الطرق إبان التواجد الإسباني.
أضف إلى ذلك أن المغرب أقدم على بناء مدن قائمة بذاتها من العدم، وجهزها بكل متطلبات الحياة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والطرق والموانئ والمطارات والمرافق الرياضية والترفيهية وتحلية مياه البحر، إلخ.
ولعل من أهم المؤشرات التي تظهر بشكل جلي استفادة ساكنة الصحراء من الاستثمارات التي أنجزتها الحكومة المغربية على جميع الأصعدة، كون أن مؤشرات التنمية البشرية في هذه المنطقة تفوق معدلات التنمية البشرية في باقي مناطق المغرب.
ففي ظل غياب معطيات دقيقة حول قيمة الاستثمارات التي أنفقتها الحكومة المغربية لتجهيز الأقاليم الصحراوية، يمكن الجزم بأن تلك الاستثمارات فاقت بأضعاف، إن لم نقل بعشرات الأضعاف، القيمة المالية التي جناها المغرب من الثروات الطبيعية للصحراء.
وإذا ما اعتمدنا على ما قاله الملك محمد السادس في خطابه السالف الذكر، حينما أكد أن المغرب ينفق سبعة دراهم مقابل كل درهم يحصل عليه من الصحراء، فيمكن القول إن المغرب قد أنفق على المناطق الصحراوية ما لا يقل عن 35 مليار دولار خلال العقود الأربعة الأخيرة، أي ما يفوق بكثير المديونية الخارجية للمغرب.
بناءً على ما سبق، يتضح بشكل جلي أن أطروحة استغلال المغرب للثروات الطبيعية فكرة مسيسة وغير مبنية على معطيات علمية دقيقة وموضوعية، ويكمن هدفها في إضعاف موقف المغرب أمام الرأي العام الدولي، الذي يجهل كل شيء عن هذا الملف.
وبالتالي، يجب البناء على هذه التعبئة الشعبية التي يعيشها المغرب بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء للتأسيس لمرحلة جديدة تتم فيها القطيعة مع الارتجال ومبدأ ردة الفعل في التعامل مع هذا الملف، والسعي إلى نشر الوعي وتثقيف الجهات الدولية المعنية بملف الصحراء بالحقائق والوقائع المحيطة بهذه القضية.
وينبغي كذلك العمل على وضع سياسيات استباقية تجعل خصوم المغرب دائماً في موقف الدفاع.
كما يجب أن تكون تعبئة الرأي العام الوطني ومنظمات المجتمع المدني دائمة وليس موسمية. وعلى كل مكونات الشعب المغربي أن تعي أن المعركة الدبلوماسية والإعلامية لا زالت مستمرة لربح الرهان أمام خصوم الوحدة الترابية، وأن الجزائر والبوليساريو وحلفاءهما لن يظلوا مكتوفي الأيدي، بل سيبذلون قصارى جهدهم لنسف كل الجهود التي يقوم بها المغرب من أجل التوصل إلى حل سياسي ومتوافق عليه للنزاع حول الصحراء.

*مستشار دبلوماسي وخبير في ملف الصحراء | *رئيس تحرير موقع Morocco World News

Ei kommentteja:

Lähetä kommentti