tiistai 17. syyskuuta 2013

صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله


ادرة الوطنية للتنمية البشرية: من أجل القيم الإنسانية
بقلم: الأستاذ عبد المجيد الحسوني
إن كرامة الإنسان لهي جوهر الثقافة الإسلامية وأساس نجاحها وهي سر امتدادها وتأثيرها. إن كرامة الإنسان قبل كل شيء هي إحدى القيم الأساسية للإسلام، كما أن الاعتراف للإنسان بأحقيته في الكرامة يعد ضمن التطور الحديث للعدالة حيث إن حق مساعدة الفرد لكي يحظى بالكرامة قد أصبح لازما اجتماعيا مطلقا. وليس من شيء أهم في الحياة بالنسبة لمن يعانون من حالات العوز إلا أن توفر لهم الحياة الكريمة بالقضاء على مظاهر التهميش والاستعباد المتمثلة في مختلف أنواع الحرمان في السكن والغداء والصحة والتعليم والشغل الذي يظل عنصرا أساسيا للاندماج في المجتمع بينما تؤدي البطالة إلى الإقصاء.
لقد ظل اجتثاث مظاهر الفقر مند أمد بعيد مناط الاهتمام والتعاون من أجل التنمية لكنه رغم ما بذل من جهود لا يستهان بها فإن الاستراتيجية المخططة من أجل القضاء على الفقر سواء على المستوى الدولي أو الوطني تظل مثار مجادلات نظرا لما يشوبها من تعقيد وارتباط بمختلف الأبعاد سواء الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية أو البيئية.
لقد تمخض عن تصور التنمية البشرية المستديمة منذ ما يربو على العقد من السنين عدة رؤى على مستويات مختلفة، ففي إطار الندوات ومؤتمرات القمم الدولية برز اتجاه بشأن التنمية البشرية المستديمة يتمحور حول وضع إطار إجتماعي يهتم بإنعاش وتنمية الفرد والجماعة يقوم أحد أعمدته الأساسية على وضع الحوافز الضامنة للإسعاد الجماعي الدائم للأفراد إذ من القواعد الأساسية للتنمية البشرية المستديمة أن يتبوأ الكائن البشري المركز الأساسي في كل مبادرة تنموية سواء فيما يخص توزيع الثروات أو حسن تدبير الشؤون العامة أو الإشراك في مختلف المبادرات. إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله فور اعتلائه العرش قد رسخ قاعدة جديدة لتحرير الكوامن البشرية للوطن، وهكذا تبنت الدولة استراتيجية للتنمية الاقتصادية لفائدة أفقر المواطنين مع اعتبار المعطيات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية وكذا فيما يتعلق بمستوى التنمية والثروات.
إن المغرب يعيش عهدا جديدا وينعم بأوفى يقني بالحرية والديمقراطية وبتطور إنساني يتبوأ فيه المواطن مصدر الإشعاع. وتضع الحكومة في مقدمة الأولويات التنمية الاجتماعية ترجمة للرؤية الواردة في خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، معنى ذلك السعي نحو تقديم نموذج لتنمية من شأنها أن تضمن الاستجابة للمقتضيات الاجتماعية ولتعميم التعاون وإعادة توزيع الثروات، وفي نفس الوقت السعي في تقليص دواعي التفاوت.
إن نجاح التنمية الاجتماعية يرتكز على وسائل تعزيز الاندماج الاجتماعي والسعي في أن تكون كل جماعة حريصة على توفير حاجيات كل مواطنيها، وتبعا لمقاربة عصرية فإن كل كائن بشري يعد ثروة أي انه عامل ينتج فائدة بالمقارنة مع المفهوم الاقتصادي.
إن مظاهر الفقر والبساطة قد يضيق مجالهما أو يتسع تبعا للأوساط بحيث يكونان لدى الدول النامية أقل احتمالا منها لدى المستضعفة، لهذا ينبغي أن يكون القضاء على التهميش محط الاهتمام اليومي للكل عوض الانحصار في التفكير في الحلول الكبرى البعيدة المدى أو المستعصية عن التحقيق. وليس اعتبار الفقر مجرد عاهة شخصية أو نتيجة بنيات اجتماعية متخلفة إلا استسلاما لقبول وضعية التهميش ومطية للتملص من المسؤولية.
إنه لايمكن التوصل إلى تغيير حقيقي إلا إذا استطعنا فقط تغيير علاقاتنا مع الفقراء، وذلك بالتصدي للآفة اللولبية للفقر حتى لاتتوارثها الأجيال علما بما تمثله آفة الفقر من تهديد خطير على الاندماج الاجتماعي ذلك الاندماج الذي يبرز وفي نطاق كل جماعة في صور التعاون والترابط واحترام الاختلاف الثقافي والتسامح والعدالة والمساواة. وللتوفر على اندماج بناء يجب أن يحمل بين أهدافه سعي الكل من أجل الكل مجتمع يسود فيه اعتقاد أن الدولة منكبة على العمل في إسعاد الجميع، مجتمع منشغل بحافز اختيار نموذج للتنمية يساوي بين المواطنين ويحقق الانسجام بين الجماعات ويعمل على ترسيخ العدالة الاجتماعية، كما أن نجاح عملية الترابط الاجتماعي الإقليمي يخضع لتصورات سياسية متينة السند ولموارد مادية ملائمة ومستجيبة لحاجيات المدن والأقاليم.
فعلى الدولة أن تقوم بمعادلة الثروات بالصورة التي تسمح للبلاد أن تدعم المناطق الأكثر هشاشة، لكن لا يلزم من ذلك أن يوضع تحت وصاية بيروقراطية بل ينبغي أن تحرر الطاقات المحلية وأن يفسح المجال للأقاليم كي تعبر عما تحظى به من قيم خاصة في مجال العدالة، فلقد استفدنا من التوجيهات المولوية للعاهل الكريم أن الحكومة قبل كل شيء جهاز لممارسة الفضائل. اعتمادا على هذه الروح السامية المتشبعة بالفضيلة يكرس العاهل الكريم صاحب الجلالة الملك محمد السادس جهده لخدمة الإنسان لاسيما إذا كان ذلك الإنسان منحدرا من الأوساط المستضعفة والفقيرة فهو حفظه الله يقضي في الخلافات الاجتماعية بأسمى روح من الإنصاف وبصورة من الجهاد لا يمكن الإحاطة بها ابتداء من محاربة الفقر إلى القضاء على مظاهر الدونية والتهميش.
إنه حفظه الله ينكب بإرادة لا تقبل الاختزال وبعزيمة لاتلين على بث الروح في مختلف قطاعات التعاون التقليدية بل يتكفل بأن يأخذ شخصيا على عاتقه معالجة اهتمامات المواطنين. أما الامركزية فإذا كانت تهدف إلى تقريب قرارات المواطنين الراغبين في التعريف باهتماماتهم بالتدبير العام، فبهذا الصدد يبرز القيام بتأطير الأحزاب السياسية أمرا مفروضا بصفته من الضروريات الأكيدة التي يتحقق معها التوصل إلى الأهداف التي تنتظرها الأمة إذا تم الإلمام بماهية المأمورية وبكيفية حسن أدائها.
إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد آتاه الله بصيرة ذكية في المجالات الاجتماعية معززة بعمق المعرفة والعمل في الميدان الاقتصادي مما تمكنت معه اوراش العمل أن تنطلق حثيثة في مختلف مناطق البلاد " المغرب النافع" لن يلبث بمشيئة الله أن يخلق فرصا للشغل ويضمن تطورا واعدا لإسعاد المواطنين في نطاق تنمية إنسانية شاملة.
وهكذا يصبح الاندماج الاجتماعي مرادفا لشمولية العدالة والمساواة والإسعاد والحرية الديمقراطية ويساوى بين الجميع في الامتيازات والحقوق وهذا يعتمد بطبيعة الحال على توفير شروط الترابط الاجتماعي والنهوض بمستوى معيشة المجتمع المغربي عن طريق التمتع الشامل لحقوق الإنسان واحترام الكرامة الإنسانية.
بيد أن نجاح نظام الترابط الاجتماعي يظل شرطا لازما لتحقيق فعالية اقتصادية للبلاد، إذ الازدهار الاقتصادي لا ينفصم عن الازدهار الاجتماعي، ولهذه الغاية يجب استحضار التوجيهات الكبرى للسياسة المولوية الداعية إلى تعزيز توافق وفعالية الاقتصاد وتدعيم الترابط الاجتماعي مع التناسق بين الاقتضاءات والأولويات.
وإذا كان لأمة من الأمم أن تعتز بتخليد يوم أو أسبوع أو شهر من حياتها لماله من أثر على توجيه مستقبلها فإن يوم 18 ماي 2005 جدير بهذا التخليد لكونه منعطفا حاسما في الحياة السياسية للبلاد، إذ في هذا التاريخ أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مبادرة تولدت عنها حركية وتجندت لها فعاليات في مختلف الميادين والإطارات خاصة المؤسساتية.
إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشروع ذو قيمة عالية حيث يرمي في الدرجة الأولى على الارتفاع بمستوى عيش المواطنين وإسعادهم ومن الناحية الثانية إلى مناهضة الفقر في الوسط القروي والقضاء على التهميش في الوسط الحضري، معنى ذلك أنه يهدف إلى رد الاعتبار إلى كرامة الإنسان ويتطلب جهودا متضافرة غايتها التنمية البشرية.
إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشروع حضاري يتسم بخاصيات الحسم والطموح والشفافية والتطبيق ويعتمد في انطلاقته على رؤية جديدة للتنمية المستديمة تدعو إلى معالجة قضية الفقر في شتى أبعادها مما اقتضى تغييرا جذريا للنشاط العمومي وأحدث انبثاقا ثوريا لخلايا العمل قصد بلوغ أهداف مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية اعتمادا على مجهود عميق لتنمية ضامنة لإحداث فرص عديدة للشغل.
إن المغرب يجب أن يظل بلاد الأصالة الحقة والسبيل الواضح لتحقيق طموحات القرن في التقدم والازدهار الأمر الذي يقتضي تجندا عاما بناء على مقاربة تجمع بين الاندماج الاجتماعي والإيمان الثابت بالمصير العام وبرؤية في التعاون تعتمد على التاريخ.
إننا لنستجيب لهذا التجنيد تحدونا روح التعاون والأخوة وذلك أمر راسخ في ثقافة المجتمع المغربي، في نفس الوقت تلتئم جهود دولة عصرية تسعى بما لديها من مؤهلات قصد النهوض بأحوال المواطنة ولفتح المجال للمشاركات الديمقراطية حتى يستفيد الكل بعدالة من حظوظ التنمية.
فينبغي أن تنال العملية السياسية نصيبها من الاهتمام معنى ذلك مناقشة القضايا العامة واختيار القيم المثمرة مع الحرص على الصدق
في الخطاب وحسن التتبع لمقارنة القول بالعمل. ولهذا الغرض يجب أن نومن بأنه لا التقدم التقني ولا المؤهلات الاقتصادية في استطاعتهما بمفردهما خلق مجتمع مزدهر عادل وإنساني إن لم يساند ذلك إرادة سياسية قوية سواء على الصعيد الوطني أو المحلي تلكم هي الرؤية التي تعطي أهمية للسياسة المحلية المتجهة يوميا بمحاداة السكان، ذلك يجب ألا يخفى على المواطنين.
أما بصدد المبادرة الوطنية للمسيرة التنموية التي يقودها صاحب الجلالة الملك بأسلوبه الإنساني المتفرد المعتمد على احترام الإنسان وتحقيق كرامته، فبفضل الله وتوفيقه ستحظى الأمة بثمارها وتسعد بنجاحها فكما قال أعزه الله:"إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ليست مشروعا ظرفيا ولا برنامجا هو وليد المناسبات لكنه ورش ملك عمل مفتوح على الدوام"
الواقع أن هذا المشروع يهدف إلى القضاء على مظاهر التفرقة والمحاباة والتي تعاني منها طبقات الأحياء المستضعفة. وهو يهدف أيضا إلى تقوية فرص الإدماج الاجتماعي ويعبر عن مقتضيات دستورنا الملكي حيث تترسخ أفكار لا تختلف مع المعاصرة إذ أن هناك بعض الحقوق لاتمس حرمتها في طليعتها كرامة الإنسان والعدالة بين المواطنين أمام القانون.
وعلى ضوء هذه المبادئ تكون المواطنة حرية أن تضمن للكل نفس الحظوظ فعلينا تخطي الحدود التي تعترض الإدماج والمساواة بين الأفراد لنحسن أداء خدمة وطننا الحبيب.
 السيد المفظل العمراني خديم الأعتاب الشريفة

Ei kommentteja:

Lähetä kommentti