التعايش والبراغماتية سمات الإصلاحات السياسية في عهد الملك
الخميس 31 يوليوز 2014 - 06:00
قسم الحسين اعبوشي الإصلاحات السياسية للملك محمد السادس خلال 15 سنة
مرت على اعتلائه سدة الحكم في البلاد، إلى مرحلتين: الأولى تبتدئ من 1999
إلى 2011، والمرحلة الثانية تمتد من 2011 إلى 2014.واعتبر اعبوشي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في اتصال مع هسبريس، أن هذا التحقيب "يستمد مشروعيته من طبيعة وعمق وأبعاد الإصلاحات السياسية التي تميز كل مرحلة".
حكم محمد السادس بين 1999 و 2011
وتميزت هذه المرحلة، حسب الدكتور اعبوشي، "بوجود توافقات مشتركة بخصوص ضرورة انفتاح النظام وبتولد الوعي بأن الصراع القائم على الإقصاء والعنف استنفذ وظيفته".
وأفاد أستاذ العلوم السياسية أن المتتبع للحياة السياسية يلاحظ تحولا في سلوك المؤسسة الملكية من خلال قناعة تتلخص في أن استمرار النظام رهين بتجديد الحقل السياسي وتوسيع دائرة انفتاحه، تجنبا للتناقص المتزايد للمشروعية".
وتابع "هذا الإدراك المشترك عبرت عنه كل القوى السياسية، من خلال ظهور مفاهيم جديدة في الخطاب السياسي كمفهوم الانتقال الديمقراطي، وتحديث النظام"، مضيفا أن العاهل المغربي حدد إستراتيجيته للإصلاح السياسي من خلال خطاب يوليوز 1999 والتأكيد على معالم المفهوم الجديد للسلطة".
وأشار المتحدث إلى أن العاهل المغربي دشن خلال هذه المرحلة، وفي إطار نفس البنية الدستورية التي تؤسس لملكية تنفيذية، سياسة الليبرالية والانفتاح، من خلال مجموعة من الإجراءات القانونية والسياسية والاجتماعية، والتي ساهمت في تحول النظام السياسي واتجاهه نحو البناء الديمقراطي.
وأعطى المحلل أمثلة على ذلك، من قبيل شروط تنظيم الانتخابات التشريعية لسنة 2002 والانتخابات الجماعية ل2003، مدونة الأسرة 2004، هيئة الإنصاف والمصالحة 2004، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2005، مشروع الحكم الذاتي 2007، إصلاح الحقل الديني 2008، إصلاح الجهوية 2010 ـ خطاب 30 يناير 2010، المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2011، إعطاء انطلاقة مشاريع تنموية كمشروع طنجة المتوسط ومشروع أبي رقراق..
وسجل الحسين اعبوشي أن المرحلة الأولى من حكم الملك محمد السادس، تميزت بثلاثة عناصر من الإصلاحات التي شهدها المغرب إبان هذه الفترة (2009-2011)، وهي كالتالي:
ـ اعتماد مقاربة واقعية وبراغماتية في الإصلاح، وذلك بهدف بناء الثقة بين الفاعلين السياسيين، ومحاولة تجاوز الاختلال المؤسساتي الناتجة عن أزمة التمثيلية وضعف القدرة التوزيعية للدولة.
ـ الانتقال من النقاش حول هوية النظام وطبيعته إلى الجوانب التقنية الخالية من الأبعاد الإيديولوجية، وهو النقاش الذي تمحور حول جزئيات السياسات العمومية وحول الانتقال الديمقراطي والحكامة.
ـ انتقال مطلب الإصلاح من القوى السياسية إلى الدولة، التي أصبحت سباقة إلى المبادرات الإصلاحية، من خلال هيمنتها على الأجندة الإصلاحية.
ـ الحضور القوي للملك في الحياة السياسية، أمام الدور المحدود والثانوي الذي أصبحت تقوم به المؤسسات الوسيطة كالبرلمان والحكومة.
الإصلاحات في الفترة بين 2011 و 2014
أما المرحلة الثانية من الإصلاحات السياسية في عهد العاهل المغربي، فقد ارتبطت، حسب المحلل، "بما عرفه العالم العربي من حراك ديمقراطي واجتماعي شكل لحظة حاملة لأشكال جديدة للإصلاح السياسي والدستوري، وهي أشكال تختلف عن الأشكال التقليدية للمطالب الإصلاحية للقوى السياسية".
وأكد اعبوشي أن المؤسسة الملكية تفاعلت "بشكل إيجابي مع هذا الحراك، فجاء خطاب 9 مارس 2011 الذي حدد فيه الملك أجندة الإصلاحات السياسية و الدستورية والمؤسساتية. وفي فاتح يوليوز من السنة نفسها اعتمد الشعب المغربي دستورا جديدا شكل لحظة مهمة في تاريخ الإصلاحات الدستورية والسياسية".
وتبعا للأستاذ الجامعي، تميزت هذه اللحظة التاريخية من حكم محمد السادس بإصلاحات سياسية وفق خمس عناصر محددة:
ـ عرف المغرب نمط جديد من الأزمات اقتضى وضع دستور جديد لتجاوزها، والإجابة عن الجيل الجديد من الإصلاحات الذي لم يكن مصدره و لم تتبناه القوى السياسية والبنيات الوسيطة، بل إصلاحات عبر عنها المجتمع في الساحات العمومية واستجابت لها المؤسسة الملكية.
ـ قاد العاهل المغربي الإصلاحات، وحدد أجندة التحولات الدستورية والمؤسساتية، شكل مدخلا يعين على تفكيك البنيات العميقة للسلطوية الكامنة في السلوكات والعقليات والمؤسسات.
ـ اعتماد مقاربة جديدة في الإصلاح من خلال الإشراك والتشاور مع كل القوى والفاعلين، اللجنة الاستشارية للجهوية، لجنة وضع الدستور والآليات المواكبة لوضعه...
ـ عمق الإصلاحات التي قام بها العاهل المغربي، حيث طالت هذه الإصلاحات كل البناء المؤسساتي للدولة، السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، كما شملت هذه الإصلاحات البنية الترابية للدولة من خلال مشروع الجهوية المتقدمة، والذي شكل حسب العاهل المغربي إصلاحا هيكليا للدولة.
ـ قدرة المؤسسة الملكية على التعامل مع نتائج وإفرازات الإصلاحات التي تقوم بها، مثل قدرتها على التعامل والتعايش مع كل قوة سياسية تفرزها صناديق الاقتراع.
Ei kommentteja:
Lähetä kommentti