keskiviikko 4. joulukuuta 2013

تاريخانية عبد الله العروي؟

تاريخانية عبد الله العروي؟



هشام عابد
الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 04:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تاريخانية عبد الله العروي
هشـام عـابد- باحث في الفكر الإصلاحي



لقد نادى الكاتب المغربي عبد الله العروي ومنذ عقود على مطلب الانخراط في التاريخ العالمي، تاريخ الزمن وتاريخ العالم. مطالبا ببناء مقومات الانخراط الفاعل والمبدع في صياغة التاريخ المحلي والقومي.
ولقد ساهم في تعميق وعقلنة التنظير للإشكاليات الأساسية في تاريخ الفكر العربي الإسلامي.
وما ترجمته الشخصية لكتاب "الإيديولوجية العربية المعاصرة" سنة 1996م، إلا تأكيد على استمراره في الدفاع عن نفس الطرح. حيث دعا العروي إلى التحرر من الإيديولوجيات والسلط الثلاث: الشيخ، اللبرالي،والتقني. ويدعو بالمقابل للتعلق بـ "التاريخانية"، أي بمسار تاريخ العالم. إذ قدم العروي في هذا الكتاب اجتهادات ذات قيمة عالية عند نقده السلفية والاختيار السلفي، وإبراز محدودية أفقها السياسي اللاتاريخي.
وبذلك كان مشروع العروي متميزا ومتفردا، بحيث خلخل نمطية الجدل الإيديولوجي السائد في الوطن الإسلامي و لمدة قرون طويلة.

وهو أي العروي دشن مشروعه من خلال مجموعة من المعطيات المميزة له كمنظر وكباحث في الفكر التاريخي والإسلامي. ومن تلك "الكلمات- المفتاح" في فكره نجد:

الحسم

مسألة"الحسم" التي يطالب بها الدول الإسلامية في الشجاعة واختيار مسار من المسارات المحددة ودون تردد للانخراط في صناعة التاريخ أو على الأقل الاستفادة منه والسير في ركبه وليس خارجه...

المتاح للبشرية

كما نجد من أهم تعابيره عن التاريخانية ومضمونها بعبارة"المتاح للبشرية جمعاء" أو بمعنى آخر أن الإنسان يتحرك ويبدع وينتج وفق الظروف الحتمية المتاحة له وليس خارجها...

مسار تاريخي عالمي

وفي موقفه من الموروث الثقافي يظهر جليا دعوته إلى الدفاع عن "واحدية التاريخ البشري". بما لا يدعوا مجالا للشك على أن التاريخ العالمي عند العروي هو خط واحد يتقاسمه جميع العالم تداولا وتكاملا. فالعروي يرسم خطا تاريخيا تنتظم عليه حضارات العالم كلها، ويظهر ذلك في عملية التحقيب. لكن السؤال المطروح بالنسبة للعالم الإسلامي، هو هل يمكن الحسم مع التراث والموروث كما فعلت الشعوب الأخرى دون مشاكل؟ لأنه لا يمكن نسيان وتجاوز فكرة أن الحضارة الإسلامية انبنت على الدين على الإسلام كدين للإنسان والدولة والحضارة والمستقبل...

التاريخ المقارن

كما ينادي العروي في أكثر من مرة في كتاباته ولقاءاته الحوارية على أهمية التاريخ المقارن، والذي يظهر عند العروي كواحد من المفاتيح المهمة لقراءة التاريخ واستيعابه.

الماركسية

الماركسية عند العروي حاجة ضرورية للأمة العربية، وهي ماركسية معتمدة على أساس المنفعة. وهذا يظهر حتى في تسمية ماركس عند العروي بحيث يسميه "ماركس النافع"( عبد الله العروي، التحديث والديمقراطية (حوار)، مجلة آفاق، 1992). وهو ما يبين ميل العروي إلى النزعة "البراغماتية" باعترافه هو(عبد الله العروي، الإيديولوجيا العربية المعاصرة). ويجب هنا أن نفهم جيدا من أن الكلام هنا محصور في تبني "الماركسية" على المستوى الإيديولوجي". ذلك أن "الماركسية" التي دعا إليها في كتابه "الإيديولوجيا العربية المعاصرة"، والتي وصفها بـ"الموضوعية" ما هي إلا "ماركسية" تتلون بأوضاع الأمة العربية. على أنه يمكن أن نحدد دلالة "الفكر التاريخي" فنقول حسب العروي: إن "الفكر التاريخي" هو ضرورة ملحة وقتية عملية. وبالنسبة للفكر التاريخي فالعروي ينفي وجود حقائق مطلقة، وإنما يقول إن الحقائق لا يمكن فصلها عن ظروفها الإنسانية والبشرية. إن الحقيقة المطلقة "من المفاهيم التي ينبذها العروي في المجال الفكري، وتبعا لهذا ترفض "التاريخانية" ما يسمى باسم "لاهوت التاريخ" لأنه يفسر كل شيء بالمطلق، يقول العروي: إذا كان كل حادث يقع بمشيئة الله، ما فائدة سرد الحوادث؟(عبد الله العروي، ثقافتنا في ضوء التاريخ). في حين أن عملية فهم التاريخ والسياسة مرتبطة بقدر من "العلمانية". وإذا كان "التأخر التاريخي" معناه أن البلدان العربية "مسبوقة في الميدان الفكري والاجتماعي والعلمي والثقافي"، فإن هذا "التأخر" ليست له صفة "الإطلاقية" و"القدرية"، بل هو قضية "نسبية" لا يمكن معاينتها وإقرارها إلا إذا قسنا مجتمعنا بمجتمع آخر.

الإنسان صانع التاريخ

كما يؤكد العروي على مسؤولية الأفراد"بمعنى أن الإنسان هو صانع التاريخ"؛ مع التأكيد على "صيرورة الحقيقة، إيجابية الحدث التاريخي، وتسلسل الأحداث"، لكن هذا لا يعني أن الإنسان يمكن أن يصنع تاريخه الخاص به داخل إطار التاريخ العام بل دائما داخل "المتاح للبشرية جمعاء".
وهو ما يبين أن لمفهوم"التاريخانية" معنى خاصا عند العروي بحيث يقول: "أما في ما يخصني، فلمفهوم "التاريخانية" معنى مختلف ومغاير، لأسباب كلها تعود إلى تباين موقعي ومواضعي، وبما أن "التاريخانية" حَدَتْ بفلاسفة الغرب إلى الإنكباب على تاريخ مجتمعاتهم وحضارتهم، فإنها عندي دليل يُحيلني على مجتمعي وتاريخه، ولو اكتفيت بالتموضع في "التاريخانية" كفلسفة أو ككتلة أفكار، لكنت مجرد داعية شأن "البرجسونيين" أو "السارتريين" العرب"( سالم حميش، "معهم حيث هم"، بيت الحكمة، الدار البيضاء،1988). هذا ويمكن أن نحدد التاريخانية بالإيجاب، فنقول: من مسلمات "التاريخانية" أنها تقول إن: "الإنسان كائن تاريخي". وطريقنا الحق والقويم إلى التخطي والتجاوز - يقول العروي - لا يمر إلا عبر الاستيعاب وآلام الولادة . ومن تم فإن: "التاريخانية ليست شيئا سوى قبول منطق العالم الحديث، الذي هو منطق أوروبا الغربية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر"( عبد الله العروي: عن التخلف والتأخر التاريخي، مجلة بيت الحكمة، السنة الأولى، العدد الأول، أبريل، 1986).

التاريخانية فكر وتصور واقعي

و نجده يتهم العرب أنهم لا ينظرون إلى الأشياء في إطارها التاريخي، وبأنهم يتعاملون مع القضايا المطروحة بطريقة لا تاريخية. ويضرب مثلا بالقضية الفلسطينية حيث كان العرب والفلسطينيون يقولون أنها قضية حق، في حين أن الحق لا دخل للتاريخ فيه. متعاملين مع القضية كالتالي: إما أنك مع الحق أو أنت مع الباطل، ويتعين اتخاذ موقف حالا! مشيرا في النهاية إلى نجاعة المعاملة التاريخية الواقعية العصرية مع المشاكل العالقة بدل الأنماط التقليدية التي يسميها بالحقانية والتقليدية والمجردة والفلسفية بل الكلامية والثرثارة.

العروي والعيش داخل التاريخ

وعلى المستوى العملي فإن "التركيب التاريخي" الذي مارسه العروي لمدة عقود من الزمن، وانتماءه إلى الحزب الاشتراكي، واتحاد كتاب المغرب، والمساهمة في المجلات والصحف، ثم التجربة الانتخابية في السبعينات، كلها تدل على المشاركة السياسية والفكرية والتاريخية في رسم التاريخ والتأثير في مساره، كما هي التاريخانية التي يدعو إليها.

ويمكن أن نقول إجمالا، إن التاريخانية كما يشرحها العروي تعتمد على أربعة مبادئ هي تباعا:
- ثبوت قوانين التطور التاريخي ( حتمية المراحل).
- وحدة الخط التاريخي ( الماضي نحو المستقبل).
- إمكانية اقتباس الثقافة ( وحدة الجنس).
- ايجابية دور المثقف والسياسي (الطفرة واقتصاد الزمن)( عبد الله العروي: العرب والفكر التاريخي).

وكل عام والوطن بألف عيد، وداخل التاريخ لا خارجه...


Ei kommentteja:

Lähetä kommentti