الشيخ عبداللطيف العثمان يقدم رؤية نقدية لمنهجية العمل الدعوي في أوروبا
**أبناء الجيل الثاني من المسلمين وقعوا ضحية إهمال الآباء وقلة
المؤسسات الإسلامية التربوية المتخصصة
** تكرار الجهود وغياب
المؤسسية وضعف العمل التنسيقي وعدم تبادل الخبرات من أوجه الخلل في إدارة المراكز
الإسلامية
** لابد من إقرار مواثيق شرف
للعمل الدعوي ومعايير إدارية شفافة وفاعلة في مجال تقديم الدعم والمساعدة للمراكز
الإسلامية
**ضرورة توعية المسلمين
بضرورة الحفاظ على الهوية الإسلامية وتعليم أبنائهم اللغة العربية وتوفير دورات
شرعية لأئمة المساجد
هناك بعض الدعاة المخلصين الذين
يحملون هموم الدعوة الإسلامية، ويجوبون أرجاء العالم مبشرين بأدبياتها، وداعمين لمؤسساتها،
وساعين الى التصدي للتحديات التي تواجهها، وتقديم المساعدات لمراكزها وبرامجها
التربوية والثقافية والروحية.
ويعتبر الداعية الإسلامي الشيخ عبداللطيف بن بدر
العثمان واحد من هذه الثلة المعنية بالهم الإسلامي وشؤون الدعوة في الغرب، وما
يعترضها من معوقات، وما تتطلبه من أولويات، حيث يرى أنه بعد هجرة كثير من المسلمين إلى بلاد الغرب، والاستقرار
بها، شب
الجيل الثاني من أبناء المسلمين على أنه أوروبي النشأة واللغة والثقافة، ووقع كثير
منهم ضحية إهمال الآباء وانشغالهم بتحصيل الرزق من ناحية، وضعف العمل الإسلامي
داخل أوروبا، وقلة المؤسسات الإسلامية التربوية المتخصصة من ناحية أخرى.
وفي
تشخيصه لمخاطر ضياع الهوية الإسلامية واللغة العربية، عزا الشيخ العثمان هذه
التحديات الى تشتت الجهود الدعوية في أوروبا، وضعف الأداء الدعوي، والاعتماد على
العمل الفردي الناتج عن فضائل أوقات الدعاة، وتكرار الجهود وغياب المؤسسية وضعف العمل
التنسيقي الجماعي، وبدء كل مركز إسلامي من نقطة الصفر، وعدم تبادل الخبرات
والتجارب، الأمر الذي يجعل الدعوة تراوح مكانها ولا تحرز تقدما.
ضعف الأنشطة
وواصل تشخيصه للواقع الدعوي في أوروبا من منطلق
خبرته وتواصله مع المراكز الإسلامية قائلا: إن أقدم المراكز الاسلامية عمرها قرابة
40 سنة، وغالبها أسس قبل 10 سنوات و 20 سنة، ومع ذلك لا نكاد نجد مركزا إسلاميا محترفا
في العمل الدعوي والعلمي والتربوي والإداري والمالي، بل من النادر أن نجد مصلى
للنساء في المراكز الإسلامية، كما أنه من
المؤسف أن أغلب أعمال المؤسسات تنحصر في إدارة المركز، إضافة إلى عدم وجود حلقات
تحفيظ قرآن كريم للأطفال، أو دروس للصغار بعد العصر، وأقصى ما تقوم به المراكز
الإسلامية هو خطبة الجمعة وربما بعض الأنشطة محدودة الأثر.
وأشار الى أنه تفقد العديد من المراكز
الإسلامية، ورصد أوجه الخلل فيها، ومنها أن بعضها يغلق أبوابه بعد الصلاة بنصف
ساعة، وتساءل كيف لتلك المؤسسات أن تدير شؤون الدعوة؟ وهي لا تتيح لشباب المسلمين
الجلوس في المسجد لقراءة القرآن الكريم كمتنفس وحيد للزاد الروحي والتواصل مع
الأئمة والدعاة، وإقامة علاقات مع بعضهم، وكبديل عن الانصراف الى أماكن اللهو.
وطالب العثمان بضرورة إنشاء مؤسسات دعوية خليجية
متخصصة في العمل الدعوي الأوروبي، وإقرار معايير ادارية شفافة وفاعلة في مجال تقديم
الدعم والمساعدة للمراكز الإسلامية، لتجنيب الأخيرة ما أسماه بالتخبط والعشوائية،
وتشتت الجهود، وتشرذم الطاقات، وتعثر الأنشطة الدعوية، وتكرار افتتاح مراكز
اسلامية متقاربة على خلفية بعض المشاكل
الشخصية في إدارات المراكز، وغياب
المعايير الواضحة لدعمها.
توحيد الصفوف
ويرى الشيخ العثمان أن أولى مواجهة هذه التحديات
تكمن في العمل على توحيد صفوف المسلمين، في ظل ما تشهده الحالة الإسلامية
الأوروبية من انقسامات وتجمعات عنصرية، حيث أن هناك مساجد للصوماليين، وأخرى
للأتراك وثالثة للاحباش ورابعة لحزب التحرير وغيرها، كما أن هناك مراكز إسلامية قائمة على أساس الجنسية والعرق، وتدار من خلال
دعاة وإداريين ينتمون إلى جنسيات معينة، الأمر الذي يجعل إدارييها ينحازون إلى جنس
أو عرق دون آخر.
وأضاف: كما أن هناك العديد من الخلافات الإدارية التي
تسبب الفرقة بين الدعاة والعاملين في المراكز الاسلامية، والتي تتسبب ايضا في استنزاف
جهود دعوية كبيرة، وهذه صفحة مؤلمة ومحزنة ولابد من العمل على تصفية قلوب القائمين
عليها، وجمع الشمل، ورأب الصدع، وتقديم الدعم للجهات الأكثر فاعلية دعويا والأكثر
احتواء للاختلافات، والأكثر قدرة على خلق أجواء تصالحية بين عموم المسلمين.
وناشد الشيخ العثمان المؤسسات
الخيرية والإسلامية الخليجية العمل الدؤوب على جمع كلمة المسلمين وحل نزاعاتهم،
ووضع مواثيق شرف للعمل الدعوي، وأنظمة لائحية وإدارية لضمان فاعليتها الدعوية في
أوساط جميع المسلمين دون تمييز أو تفرقة، والعمل على إيجاد بيئة مناسبة لكل شرائح المجتمع المسلم، كتوفيرمدرسة
للطفل في الصباح ونادي في المساء، وبناء المساجد، وأماكن الترفية المحافظة للأسرة
المسلمة، وإنشاء مدارس إسلامية نموذجية ومراكز ترفيهية للشباب، ونوادي لتحفيط
القران وتعليم اللغة العربية والعلوم التطبيقية.
الحفاظ على الهوية
وشدد على ضرورة توعية المسلمين بضرورة الحفاظ
على الهوية الإسلامية وتعليم أبنائهم اللغة العربية، مشيرا الى أن أغلبية المراكز
الاسلامية تجعل الخطبة الثانية في صلاة الجمعة تكراراً للخطبة الاولى ولكن بلغة
الدولة، لان كثيرا من شباب المسلمين لم يتعلم العربية رغم أنهم من أصول عربية.
دورات شرعية للأئمة
ولفت إلى أهمية توفير دورات
شرعية تثقيفية لأئمة المساجد وكفالته، خاصة أن إمام المسجد هو الموثق الرسمي
للزواج والطلاق والمواريث وهو الكافل للسجناء المسلمين، وهو من يقرر دخول رمضان وحلول
الاعياد وغيرها، ومن هنا لابد من إقامة برامج شرعية لهم، وإتاحة الفرصة لهم لتلقي
العلوم الشرعية في الجامعات التي تدرس عن بعد مثل جامعة المدينة العالمية أو جامعة
المعرفة أو غيرها من الوسائل.
ودعا الشيخ العثمان إلى ضرورة
وضع معايير محددة وشروط أساسية للمراكز الإسلامية التي تستحق الدع، هذا بالاضافة
الى ضرورة اعطاء فرصة للشباب الأكفأ
والأنشط لقيادة المراكز الاسلامية، خاصة أن بعضها أصبح كما لو كان ملكا لمؤسسيها،
وهناك حاجة ماسة لضخ دماء جديدة، فلا يعقل أن تستمر إدارة المركز لمدة 20 سنة أو
أكثر دون تغيير، إضافة الى أن عدم إتاحة الفرصة للشباب يشعرهم بالإحباط والتسليم
بالواقع المرير.
وفقنا الله لصالح القول والعمل، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل للشيخ/ عبداللطيف بن بدر
العثمان
لما تفضل به علينا من علمه الوفير راجين المولى تبارك وتعالى له دوام
الصحة والعافية، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله
رب العالمين.