حانات ومطاعم الدار البيضاء "تتحول" إلى فضاءات للثقافة
الجمعة 29 نونبر 2013 - 12:50
في مبادرة فريدة من نوعها، قامت فعاليات ثقافية وإعلامية بالدار
البيضاء أخيرا بتحويل فضاء حانات ومطاعم معروفة وسط المدينة، إلى أماكن
لنشر الثقافة والأدب والفن وتقريبها إلى ساكنة البيضاء ورواد هذه الفضاءات،
من خلال تنظيم لقاءات أدبية وثقافية وفنية مرة كل شهر.أحد المطاعم المشهورة بالدار البيضاء احتضن أخيرا مناسبة تقديم الأعمال الكاملة للشاعر الراحل عبد الله راجع، حضره القاص عبد الله بوزفور، والشاعر صلاح بوسريف، وأكاديميون وأدباء آخرون، فيما شهد فضاء مطعم آخر تنظيم أمسية فنية خُصصت لتكريم مجموعة المشاهب.
وأجمع أدباء، تحدثوا إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، على أهمية مثل هذه المبادرات التي تتيح للحاضرين في فضاءات الحانات والمطاعم والمقاهي، الإنصات إلى أشكال أخرى من التفكير، وأيضا استقطاب جمهور جديد وبمقاييس مغايرة، وهو ما يجعل من الثقافة أمرا متاحا لشتى الشرائح الاجتماعية في خضم ضعف المبادرات الرسمية.
بوسريف: لقاءات مفتوحة في وجه الجميع
وقال الشاعر صلاح بوسريف إن تعميم الثقافة، واللقاءات الثقافية، بشكل خاص، في أكثر من مكان، وفي فضاءات عامة، هو أمر مهم حين تكون الفضاءات الثقافية، مثل قاعات البلديات، أو دور الشباب، وبعض المكتبات العامة، تحتاج دائماً لرُخَص وتعقيدات بيروقراطية، تجعل الجمعيات تعزف عن تنظيم لقاءاتها، أو تكون هذه القاعات في أمكنة لا تسمح بالوصول إليها بسهولة، خصوصاً في مدينة مثل الدار البيضاء، التي يصعب فيها التنقل".
واستطرد بوسريف بأن "اختيار بعض الحانات، والمقاهي، والمطاعم، فكرة مهمة، لأن فضاءات من هذا النوع، تُتيح للحاضرين نوعاً من الحميمية، وتسمح بالإنصات والحوار، وبإشراك كل الزبائن في الانتباه لما يقال، ولما يدور من حوار ونقاش، والتفكير في ما يجري من مشكلات ذات طابع فكري أو إبداعي.
وأوضح الشاعر المغربي، متحدثا لهسبريس، أن "مثل هذه الفضاءات تعرف إقبالاً، ويحضرها الناس بتلقائية، ومن مختلف المهن، والانتماءات الاجتماعية، وهي غير مشروطة بمستوى ثقافي محدد، فهي تعني الجميع، وتعمل على تسهيل التواصل واللقاء".
وزاد المتحدث بأن "مثل هذه الأماكن ربما تساعد على استقطاب جمهور آخر، لا يذهب للقاعات، لأن الثقافة هي من تبحث عنه، أو تخترق فضاءاته التي يعتبرها فضاءً للشرب، والأكل والاسترخاء"، مردفا أنه "مثلما يجلس الناس في هذه الفضاءات لمشاهدة مباراة في كرة القدم، فهم أيضاً سيجلسون للإنصات للشعر، والقصة، والرواية، ولحفلات توقيع الكتب".
وأفاد بوسريف أنه حضر بعض هذه اللقاءات: "فوجئتُ بالحضور، وتنوع الحاضرين، وبالانتباه العميق الذي يبدونه تجاه ما يُقال، وأيضاً اقتناء بعض الأعمال الإبداعية، مثلما فعل أصدقاء "ديونيزوس" في لقاء أخير حول الأعمال الشعرية للشاعر الراحل عبد الله راجع، وأيضاً في لقاء سابق حول تجربة الشاعر محمد بنطلحة".
وخلص الشاعر إلى أنه "حين تكون الدولة في حل من الثقافة، أو تستعملها كترف، أو ديكور فقط، فمثل هذه المبادرات تكون مفيدة في وضع الثقافة في طريق الناس، وتخترق بالتالي كل الأمكنة التي يرتادونها"، لافتا إلى أن "هذا الوضع هو ما نجده اليوم في عدد من الدول الغربية والعربية، التي حققت تراكمات مهمة في هذا السياق".
لغتيري: مبادرة غير مألوفة تستوجب التفهم
ومن جهته قال الروائي مصطفى لغتيري، في تصريحات لهسبريس، إنه "رغم غرابة المبادرة التي تبدو غير مألوفة، يمكن التفكير فيها من منطق الغيرة على الأدب، التي تحركت في أذهان وأفئدة أعضاء الجمعيات أصحاب هذه التجربة الفريدة".
وأكد لغتيري أنه "لا يمكن سوى التعاطي بروح إيجابية مع هذه المبادرة، ومع كل المبادرات الجادة التي تستهدف تقريب الأدب والكتاب الأدب والثقافة عموما من جمهوره المفترض في كل الفضاءات والأمكنة المتاحة، فلقد سبقت هذه المبادرة حزمة من مبادرات مشابهة في الصيغة والهدف، كالمقاهي الأدبية والصالونات الأدبية، ومبادرة اتحاد كتاب المغرب المتعلقة بتعميم القراءة والترويج للكتاب في القطارات ومحطاتها، كما يمكن التنويه بمبادرة "ساعة للقراءة" التي ابتكرتها ثلة من الشباب، وروجت لها في مناطق غير مألوفة، كالشاطئ مثلا".
وإذا كانت هذه المبادرة ستثير الكثير من التعاليق والاستغراب، يردف لغتيري، فيتعين التعامل معها بكثير من التفهم والصبر، حتى نطلع على منهجية العمل التي سيعتمدها أصحابها في الترويج للثقافة وللكتاب الأدبي في هذه الأماكن الحساسة، التي تبدو للوهلة الأولى، وربما حتى الوهلة الأخيرة، أبعد ما تكون عن الهم الثقافي".
وأبدى الروائي ذاته أمنيته للقائمين على هذه الفكرة المبتكرة "أن لا يقعوا ضحية إغراء تلك الأماكن، وبدل أن تكسب الثقافة زبناء جددا، تكسب تلك المحلات بالمقابل مرتادين جددا" وفق تعبير لغتيري.
Ei kommentteja:
Lähetä kommentti