النص الكامل لحوار وزير العدل والحريات، المصطفى الرميد مع جريدة أخبار اليوم بتاريخ 16 نونبر 2013
الخميس 21 نونبر 2013
النص الكامل لحوار وزير العدل والحريات، المصطفى الرميد مع جريدة أخبار اليوم
سؤال: عبرت جمعية هيئات المحامين عن رفضها التام لميثاق إصلاح منظومة العدالة. ما رأيكم؟
جواب: إن ميثاق إصلاح منظومة العدالة، تأسس
على حوار وطني شارك فيه القضاة والمحامون وكتاب الضبط وباقي المهن
القضائية، كما شاركت فيه مكونات واسعة من المجتمع المدني والأساتذة
الجامعيون، كما شاركت فيه ثلة مهمة من رجال الدولة، وتمت الاستفادة أيضا من
آراء خبراء في الداخل والخارج وتم تتويج ذلك بنقاشات عميقة من قبل أعضاء
الهيأة العليا للحوار الوطني الأربعين، حيث تمخض كل ذلك عن توصيات الميثاق
الوطني لإصلاح العدالة، والذي حظي في النهاية بالمصادقة الملكية. وقد
استغرق هذا الجهد أربعة عشر شهرا من العمل والحوار، في مقابل ذلك ماذا فعل
مكتب جمعيات هيئات المحامين لتقييم نتائج هذا الحوار؟ وماهي الندوات التي
عقدها من أجل ذلك؟ ومن هم المساهمون في بلورة هذا الموقف؟ هل تم بالفعل
استشارة عموم المحامين في الموضوع؟...
إن موقف مكتب جمعية هيئات المحامين جاء مطبوعا بطابع الارتجال
إن لم تكن قد تحكمت فيه اعتبارات لا علاقة لها بالمهنة وبمصالحها ولا
بمصالح المجتمع الذي يهمه شأن العدالة.
وجدير بالذكر أن رئيس جمعية هيئات المحامين السيد حسن وهبي
حضر جل أطوار الحوار ومداولات الهيأة العليا ولم يعبر عن اعتراضه في أي
مرحلة على مشاريع التوصيات، وإن سجلنا غيابه وقت المصادقة الأخيرة عليها،
كما أنه سبق أن حرر وثيقة بخط يده تثبت أنه لم يكن له أي اعتراض سوى على
توصيتين بشأن عقد التوكيل والتعاقد على الأتعاب، وقد تم اعتماد رأيه
بالحرف، وقد ورد في هذه الوثيقة ما يلي:
"إلى السيد المدير المحترم: ملاحظات حول ورقة تأهيل المهن القانونية فيما يخص مهنة المحاماة.
بخصوص النيابة:
العمل على اعتماد عقد مكتوب بالنسبة للنيابة،
يستدل به عند المنازعة وليس سندا من موجبات النيابة في الملف، وذلك نظرا
لإكراهات عملية في الموضوع.
بخصوص الأتعاب:
التعاقد المسبق حول الأتعاب بدلا من التحديد المسبق لها، لاستحالة تحديد الأتعاب مسبقا في كل القضايا."
وتلاحظون أن السيد رئيس الجمعية يفيد أنه اطلع على ورقة تأهيل
المهن القانونية بما فيها مهنة المحاماة وليس له رأي مخالف إلا فيما يخص
الموضوعين المشار إليهما آنفا.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه لا يعقل أن يكون ميثاق من هذا
المستوى وساهم في إنجازه حوار من هذا الحجم ثم يأتي البعض ليعبر عن رفضه
التام له جملة وتفصيلا، فلو تم التحفظ على بعض التوصيات لكان ذلك مفهوما
ومقبولا، مع العلم أن نقباء ومحامين محترمين وهم النقيب عبد العزيز بنزاكور
والنقيب عبد الرحيم الجمعي والنقيب محمد شهبي والأستاذين عبد اللطيف
الحاتمي وعبد العزيز النويضي ساهموا في بلورة توصيات الميثاق، وهم ليسوا
متهمين في غيرتهم المهنية ولا في كفاءتهم العلمية، وكان يتعين عقد لقاء
معهم للاستيضاح والتوضيح قبل اتخاذ الموقف المتسرع. كما أن الميثاق ليس
وثيقة منزهة ولا هي قرآنا منزلا ولكن المؤكد أنها وثيقة تاريخية تضمنت
خريطة طريق جد هامة لإصلاح منظومة العدالة.
سؤال: في رأيكم ما هو الباعث إذا على إعلان هذا الرفض التام؟
جواب: إن موقف مكتب جمعية هيئات المحامين لا
يحظى حسب علمي بالإجماع من قبل السادة النقباء، وهو موقف متسرع كما سبق
بيانه، وكان يمكن بدله فتح حوار مع وزارة العدل والحريات ليتبين للسادة
النقباء أن الحوار سيظل مفتوحا إلى غاية وضع النصوص التي تجسد الإصلاح
المنشود، وأننا منفتحون على كافة المقترحات. لكن الملاحظ أن المواقف
المعلنة لمكتب الجمعية تنحو منذ مدة نحو التصعيد والرفض وتأزيم العلاقة مع
وزارة العدل والحريات بدون سبب في غالب الأحيان، وهذا ما أدى إلى التأثير
على اجتماعات اللجان المشتركة، وسيؤثر لا محالة على مصير العلاقة بين
الوزارة ومكتب الجمعية في المستقبل أيضا، وسيجعل مهنة المحاماة ومسيرة
الإصلاح هي الخاسرة في النهاية. وتذكروا أن مكتب جمعية هيئات المحامين سارع
إلى رفض مرسوم المساعدة القضائية بالرغم من مشاركة لجنة منتدبة من قبله في
بلورة النص، وقد كنا مضطرين إلى إلغاء مرسوم كان سيمنح المحامين محدودي
الدخل تعويضات لا بأس بها ... وليس بين أيدينا اليوم أي اقتراح بديل مقبول.
أعتقد أن موقف الرفض الممنهج الصادر عن مكتب الجمعية له
خلفيات لا علاقة لها بمصالح مهنة المحاماة، ولا يندرج في سياق الإصلاح
المنشود بالنسبة للبعض، وهو بالنسبة للبعض الآخر بسبب ما يعتقد أنه مس
بمواقعهم ومصالحهم، وعلى سبيل المثال التوصية المتعلقة بمراجعة طريقة ومدة
انتخاب النقيب وأعضاء مجلس هيأة المحامين، بما يحقق المناصفة والتمثيلية
للفئات العمرية والأقدمية في المهنة، وحصر مدة انتخاب النقيب في ولاية
وحيدة غير قابلة للتجديد، وأيضا تخويل المشتكي (المواطن) حق الطعن في
قرارات المجالس التأديبية للمهن القضائية وغيرها.
سؤال: لكن هناك من يرى أن توصيات الميثاق جاءت عامة
ومجملة لا تتضمن تدابير عملية للإصلاح، كما أن هناك عدة مطالب مهنية لم
يستجب الميثاق لها.
جواب:
أولا: إن المواثيق بطبيعتها تتأسس على التوصيات العامة
والمجملة التي تكون منطلقا لصياغة النصوص القانونية والتدابير الإجرائية
التفصيلية اللازمة لتفعيلها .
ثانيا: إن ميثاق إصلاح منظومة العدالة تضمن مخططا إجرائيا
للتنفيذ، وهكذا فمقابل ستة أهداف إستراتيجية كبرى هناك 16 هدفا فرعيا تنتظر
تنزيلا عبر 200 آلية، كما أن هذه الأخيرة سيتم اعتمادها عبر 351 إجراء
تفصيليا وكل هذا جاء مقرونا بآجال محددة للتنفيذ تبدأ سنة 2013 ويتركز
الجزء الأكبر منها عبر سنوات 2014-2015-2016، ويبقى ما يتعلق بالإدارة
الإلكترونية ممتدا إلى غاية سنة 2020.
ثالثا: إنه لا يمكن مقاربة إصلاح منظومة العدالة من زاوية
المطالب الفئوية والمصالح الذاتية لأصحاب المهن ...، إن الإصلاح يستهدف
تحقيق مصالح عامة أولا، أما مطالب الفئات المهنية فإنها تروم تحقيق المصالح
الخاصة قبل كل اعتبار ...، وإذا كان ميثاق إصلاح منظومة العدالة قد تأسس
على الأخذ أولا بما يحقق إصلاح منظومة العدالة، فإن مطالب المهن القضائية
سواء تعلق الأمر بمحامين أو غيرهم يبقى مجالها ليس ميثاق إصلاح منظومة
العدالة وإنما مجالها الحوارات مع الوزارة وإبرام الاتفاقات الثنائية، لذلك
يمكن القول بأن المطالب المهنية شيء، والإصلاح بمفهومه العميق والشامل شيء
آخر. وكل له مجاله ومستوى التعاطي معه، مع العلم أن هذا لا يلغي ذاك.
رابعا: إن البعض يريد أن يحمل الميثاق ما لا يحتمل، إذ لا
يجوز لأصحاب المهن البحث في توصيات الميثاق عن المطالب والمصالح الخاصة،
والحكم على الميثاق من خلال ذلك، لا: الميثاق لا يقدم نفسه باعتباره قاموسا
مفصلا لكل مشاكل المهن وحلولها ... إن ميثاق إصلاح منظومة العدالة يبقى
كأي ميثاق يتضمن العناوين الأساسية للإصلاح، وإذا تطرق إلى إجراء جزئي فمن
منطلق أهمية ذلك الإجراء في الإصلاح دون أن يعني ذلك اعتماد منهجية التفصيل
الميثاقي.
وهكذا فإن ما قيل في هذا الصدد ينم عن أحكام متسرعة وبخلفيات لا تتوخى الحقيقة والإنصاف.
سؤال: لقد اتخذ مكتب جمعية هيئات المحامين مبادرة تنظيم مناظرة حول مهنة المحاماة يومي 15 و16 من الشهر الجاري، ما هو موقفكم؟
جواب: كنت أتمنى أن لا يتخذ مكتب الجمعية أي
موقف من ميثاق إصلاح منظومه العدالة إلى غاية تنظيم هذه المناظرة والوقوف
على آراء المحامين وتقديراتهم خلالها، أما وقد عمد مكتب الجمعية إلى
التعبير عن رفضه التام للميثاق فإنه سيعمل جاهدا على استصدار توصيات منسجمة
مع موقفه المعبر عنه سابقا، وبالتالي فإن أشغال هذه المناظرة ستكون تحصيل
حاصل، ثم إنني كنت أتمنى أن يعتبر مكتب الجمعية أن المحاماة هي مهنة بقدر
ما يهم شأنها المحامين يهم أيضا مؤسسات الدولة وكذا المواطنين لذلك فإن
التوصيات المنتظر صدورها عن هذه المناظرة لن تكون لها قيمة كبيرة ما دامت
ستصاغ دون مساهمة كافة الأطراف المعنية وهي القضاة والإدارة والمواطنين في
شخص جمعيات المجتمع المدني المختصة وغيرها.
وكما تلاحظون فإن التوصيات التي تصدرها هيئة مهنية بشكل أحادي
لا يمكن أن ترقى في أهميتها إلى توصيات شارك في بلورتها كافة الأطراف
المعنية كما هو الحال بالنسبة لميثاق إصلاح منظومة العدالة، ومعلوم أن
الميثاق ساهم في صياغته على مستوى الهيئة العليا 13 قاضيا و6 محامين و 4
أساتذة جامعيين و4 ممثلين للمجتمع المدني ومسؤولون من مستويات مختلفة في
الدولة، كما أنه تأسس على حوارات ساهم فيها المئات من المهنيين والخبراء
والجمعويين، خلال 14 شهرا، فهل هناك مجال للمقارنة بين هذه الحصيلة وحصيلة
مناظرة مغلقة على أصحاب المهنة خلال يومين فقط ؟ وقبل ذلك هل التناظر يكون
مع الذات أم مع الآخر؟ وأين هو هذا الآخر؟
ومع ذلك، فإننا لن نقابل السيئة بمثلها أي لن نتعامل مع ما
يمكن أن يصدر عن هذه "المناظرة" من توصيات بالرفض المطلق كما فعل زملائنا
أعضاء مكتب جمعية هيئات المحامين بل سندرسها ونعتمد الصالح منها كما هو
دأبنا في التعامل مع الجميع، كما هو معلوم فإنه بالنسبة للقانونين
التنظيميين المتعلق أولهما بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وثانيهما
بالنظام الأساسي للقضاة، فقد أعددنا مسودتي المشروعين وعرضناهما على
الجمعيات المهنية للقضاة لإبداء الرأي وفتحنا حوارا مباشرا مع السادة
القضاة والقاضيات عبر أرجاء المملكة واستفدنا كثيرا من كل ذلك وسنقوم
بمراجعة المسودتين على ضوء ما توصلنا به من ملاحظات واستدراكات مما سيؤدي
إلى تحسين النصين وجعلهما أقرب إلى تحقيق تطلعات الجميع في إطار من
التشاركية البناءة والمسؤولة، وهو ما سنحرص عليه مع الجميع.
سؤال: إن المحامين متضايقون من التوصية رقم 49 من
الميثاق المتعلقة بحضور الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أو من
يمثله في المجلس التأديبي للمحامين. فما هو ردكم؟
جواب: إن هذه التوصية وردت في إطار الهدف الرامي إلى تعزيز مبادئ الشفافية والمراقبة والمسؤولية في المهن القضائية.
وفي هذا الصدد ينبغي استحضار أن الدستور المغربي أسس لمنظور
جديد للمؤسسات التأديبية المهنية بالإشارة من خلال اعتماده في الفصل 115
منه في تأليف المجلس الأعلى للسلطة القضائية على هيئة مختلطة قوامها 13
قاضيا و7 شخصيات من غير القضاة وهو ما لقي استحسانا من الجميع بمن فيهم
المحامين فهل يعتبر ذلك مسا باستقلال القضاء أو تحجيرا على القضاة؟ إنه
وبناء عليه فإن اجتهاد الهيئة العليا للحوار الوطني ذهب إلى اعتماد هيئات
مختلطة في تكوين المجالس التأديبية الخاصة بالمهن القضائية جميعا ما عدا
المحاماة حيث اعتمد ذلك على مستوى غرفة المشورة ولم يعتمد على مستوى المجلس
التأديبي للمحامين حيث تم الاقتصار على حضور الوكيل العام للملك أو من
يمثله للمناقشات دون المداولات واتخاذ القرارات.
وهنا أريد أن أؤكد أنه لا يمكن مناقشة التوصية رقم 49 الخاصة
بحضور الوكيل العام للملك للمناقشات دون استحضار التوصية رقم 50 التي تنص
على هيئة قضائية ومهنية مختلطة على مستوى محاكم الاستئناف تتكون من ثلاثة
قضاة من بينهم الرئيس ومحاميين اثنين يختارهما مجلس هيئة المحامين للبت في
الطعون المقدمة ضد القرارات التأديبية
Ei kommentteja:
Lähetä kommentti